بـــــورتـــــــريـــــه ..
"الخال" .. عبدالله العتوم
15-06-2007 03:00 AM
** تبدأ "عمون" اختيار شخصيات منتقاه لها بصمات في الوطن سياسيا او اجتماعيا او اقتصاديا او ثقافيا او فنيا او اعلاميا ، فتسقط النص على الوجه او المكان او الزمان ، لتسلط الضوء على الجانب الآخر من حياتهم ، وفق رؤية يراها كاتب او رسام مناسبة لا نظنها تسيء او تقدح في ذات او عين نختاره ضيفا يحل على القراء بين فينة واخرى .. ولهذا وجدنا ان افضل من نفتح الباب به "الخال" او كما تحلو له التسمية " 02 " عبد الله العتوم ليكون الاول في "بورتريه" يحاكي ويقترب من شخصية صحافية لا مثيل لها في الوسط الاعلامي من حيث التعاطي مع الواقع بكلام لا احلى ولا اجمل : نستعير من مظفر النواب، بتصرف يليق بمقام الخال فنستهل: يقتلك البرد، ويقتلك نصف الدفء كما يذبحك نصف الموقف أكثر...
هو الخال، لكل من عرفه، وهو الذي يبدأ مخاطبته إليك بصوته الرجولي الأجش وبلهجة شمالية فخيمة، "يا خالي".
سيد المواقف حين تتأزم الرجال، وجزء حيوي من تاريخ الدولة الأردنية الحديث، وشيخ من شيوخ إعلامها الذي كونوا طريقة صوفية أول أبجدياتها العشق، وآخر مفرداتها العشق.
له هيبة الكبار، وقلب طفل، إيه يا خال كم تصدع قلبك من الخذلان..نعلم ونستحي أمامك من كل هذا الخذلان، وأنت الذي لم تخذل أحدا.
أبو علي، عبدالله العتوم، حالة عشق صوفية أردنية بامتياز، وبوصلة الولاء لديه نقية من شبهات الرياء ومصالح البيزنس، تماما مثل يده التي هي بيضاء دوما من غير سوء.
أبو علي، وكم على مآدبك سهر القوم، وتناجوا شجنا في الحب، وكم كنت تسفح من قلبك كل البوح الممكن وغير الممكن في آخر الليل لضيوفك، فتغدو أحيانا ضيفا محببا في الذاكرة الشخصية لكل من استمع إليك، شريطة أن يكون على قدر الفهم.
من مزرعته في سوف الجرشية، يستحضر أبوعلي كل ليلة، وعلى شرف ضيوفه أمجاد وطن ما زال ولن يزول، وعلى طاولة الطعام التي بلغت سعتها وطنا بأكمله، يستفزك حتى العظم هذا المعتق بكروم العنب، والمجبول بطين الأرض التي يهواها كما لم يعرف أحد الهوى من قبل.
أبو علي، وفي غمرة الغفلة التي تعصف بنا في زمن التجار والإقطاع، وفي زمن صارت فيه ثلاثون الفضة ثمنا معقولا لأي موقف يباع ويشترى، وفيه ألف وألف إسخريوطي مسخ يستمرئ الصفقات المشبوهة، فإننا وفي هذا الوحل الذي أغرقنا أنفسنا فيه، نأتيك إلى سوف، في ليلة صيف أردنية نغسل ما علق بنا من وسخ، وننظف الروح بأعذب ما لديك من حب ووطنية، وندرك أننا ما زلنا نخذلك وأنت الذي لا تخذل أحدا، وندرك أنك تملك لا زلت قلب الطفل الذي يغفر، لأنك من القلة التي ما زالت تملك حس الدهشة، بل وتملك القدرة المذهلة على الإدهاش.
أيها الخال..يا أبا علي..
يا من يؤمن بان الوطن ليس مكانا أو جغرافيا نسكنها وحسب، بل هو المكان الساكن فينا، وأنت يا خالي، في الذاكرة وفي القلب، وهاهي جولة أخرى، سنحاول أن نرتقي بأنفسنا بها فلا نخذلك كما فعلنا أكثر من مرة.
م.ع