فيلادلفيا هي كلمة اغريقية تعني الحب الاخوي، وهو الاسم الذي حمله الملك الاغريقي فيلادلفوس الثاني، احد ملوك البطالسه من سلالة الاسكندر الكبير والذي انتهى عهدهم بدخول الرومان اليهم بعد حكم استمر ثلاثة قرون بعد وفاة كليوباترا التى كانت تريد حماية حكمها من الرومان عبر علاقة ربطتها بيوليوس قيصر وانجبت منه طفلا، ومن بعد ذلك انحازت لصالح مارك اتوني بعد وفاة يوليوس قيصر الا ان انكتافيا ابن يوليوس قصر وارث العرش فى روما انتصر فى المعركة المعروفة بمعركة اكتوم، ومن بعد ذلك اقدم انكتافيا على الانتحار وتبعته من بعد ذلك كليوبترا، وانتهى بذلك الحكم المقدوني.
فيلادلفيا اشتهرت بعهد فيلادلفوس بصياغة العملة التى كانت مركز تصنيعها القدس وعاصمة تبديل العمل (البنك المركزى) عمان، حيت عمل على نقل مركز القرار من الاسكندرية الى فيلادلفيا التى بدورها قادت مصالحة بين الخصماء او الفرقاء بين شطري الحكم فى حينها، وهذا ما جعل من ارض الاخوة والبركة توصل البعيد وتقرب المتخاصم، وهى الكنية التى حملها فيلادلفوس واصبحت تشكل وجودية معنى ورسالة تحمل رمزية مكانية عز نظيرها فى ربة عمون و ثم عمان.
الاسكندر المقدوني الذى حكم الارض و فيلادلفوس الذى قاد حضارة العملة من فيلادلفيا، كانت تمد حدود مملكة فيلادلفيا من ملتقى النهرين فى بغداد الى ملتقى النهرين فى دمياط، وهو ما جعل من هذه المملكة الشرقية الضاربة فى التاريخ من اعرق الحضارات الانسانية ومن أكثرها استمرارية الى يومنا هذا، وإن كانت قد تقلصت فى دوائر تاثيرها لكنها بقيت شاهدة على التاريخ من قبل الميلاد الى يومنا هذا، وهو ما يجعل من هذه الحضارة مكان اعجاز فى الدور والمكانة.
وها هي فيلادلفيا تعود من جديد من خلال ربة عمون بإرثها التليد عاصمة ملك العمونيين، بعد انقطاع حضاري استمر حقبة من الزمن لتعود فيلادلفيا بحلة جديدة وبمسمى يحمل كل هذا الموروث الثقافي لتكون عمان عاصمة حكم الهاشميين منارة للمعرفة الانسانية ودلالة ثقافية ممتدة تحمل الموروث البشري بصيغة جديدة من قبل الميلاد بكل ما فيه من قيم واعراف ومبادىء انسانية وتعود لاطلاق هذا الموروث الثقافي والحضاري وتقدمه فى خدمة رسالتها تجاه الانسانية.
واليوم واذ نحتفل بيوم عمان فى مئوية رسالتها وفى حقبة زمنية جديدة، فان عمان كما كان عهدها على الدوام ستبقى تحرص على بعث موروث رسالتها من معاني الحب الاخوي للانسانية جمعاء والذى يقوم على التعاون والتعاضد والتشارك بالتبادل المعرفي والتنموي والنمائي من اجل اغناء روح التعايش فى منطقة مهد الحضارات، فان ما قالته فيلادلفيا هو ما تؤمن به عمان وستحرص على تقديمه الاردن بسيرتها ومسيرتها من اجل عيش مشترك لمجتمعات المنطقة يقوم على ترسيخ معاني السلم الاقليمي واغناء الوازع القيمي بما يقدم رسالة مهد الحضارات بالطريقة ذاتها التى ميزها بها تاريخ البشرية فيلادلفيا.
(الدستور)