لم يتلق الاردن نصف مليار دينار كمساعدة مؤخرا ، كما اشيع ، وما تلقاه الاردن هو مائتا مليون دينار كمساعدة نقدية.
الحكومة اعلنت انها ستذهب للاقتراض الخارجي ، امام عقدة الدين والعجز ، وفي معنى الكلام ان لا انفراجات كبيرة على الطريق.
وفي زيارة الملك الاخيرة الى الولايات المتحدة الامريكية ، وعد غير نهائي بتقديم مساعدة مالية الى الاردن ، وهو وعد يخضع لاليات الكونغرس ولتجاذبات كثيرة في ظل الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة ، وما قاله الرئيس الامريكي شاكيا من الوضع الاقتصادي ، ويبقى امل رفع المساعدة واردا ، وان كان غير نهائي وغير محدد الرقم ، ايضا.
الدول العربية تغير اسلوبها في ملف المساعدات ، ومعظم الدول العربية الثرية اليوم لا تقدم اي مساعدات ، اما لوجود اولويات عندها ، واما لانها لا تريد فتح جبهة عربية واسلامية لطلب مساعدات ، في حال تم الاعلان عن اي مساعدة رسميا ، واما لان الدول ملت مللا شديدا من مبدأ الدفع ، او لحسابات تتعلق بوجود مجالس نيابية او معارضات تتحسس من الدفع سرا او علنا ، لاعتبارات مختلفة ، وهذا يعني ببساطة ان علينا ان لا نتوقع دعما عربيا لموازنة البلاد.
الذهاب للاقتراض الخارجي قد يكون اخر الحلول ، على طريقة "الكي" وهذا يعني مزيدا من الاعباء الاقتصادية ، والفوائد والديون ، خلال الاعوام المقبلة ، في ظل جمود داخلي ، وتجميد ما يزيد عن عشرين مليار دينار كودائع في المصارف ، تشمل مبالغ صغيرة ومتوسطة وكبيرة ، وهي مبالغ لم يتمكن احد من اقناع اصحابها بتسييلها حتى الان ، على خلفية حالة الذعر الدولية ، وكثرة التعبئة النفسية للاجواء الداخلية بالحديث عن مؤامرة الترانسفير ، وعن حرب محتملة مع اسرائيل ، وعن حرب اقليمية ضد سوريا او لبنان او ايران ، وهي اجواء تجعل اي شخص يتحوط ولا ينفق قرشا واحدا.
ما هي خيارات الحكومة في هذه الحالة ، سؤال يحتاج الى متخصصين للاجابة عنه ، الا ان يمكن القول ببساطة ان زمن المساعدات ولى الى غير رجعة ، وكانت "كلمة السر" في كلام الملك ذات ليلة عيد حين قال "صبرنا على حالنا ولا صبر الناس علينا" وهي كلمة سر كانت تحمل الكثير من الاشارات ، غير ان الحكومة مطالبة باتخاذ اجراءات اعمق لتحصيل اموالها المؤجلة لدى كبار المتمنعين عن الدفع ، وبقية حقوقها ، اضافة الى تطبيقات محاربة الفساد ، واسترداد ما تم جمعه على حساب الناس ، ورفع "الروح المذعورة" من صدور الناس من اجل ضمان الحد الادنى من التحريك الداخلي للاقتصاد.
عام صعب. واعوام اكثر صعوبة مقبلة على الطريق ، ولا شيء يدعو للتفاؤل ، خصوصا ، ان الاردن لحساسيات التاريخ وجغرافيته ، يستحق دعما عربيا اكبر ، لانه ليس مجرد خزينة فارغة ، اذ يصد عن شرق المتوسط ، كل رياح الخطر ، وتركه وحيدا ، يفتح البوابات والشبابيك لتسلل العاتيات الى كل المنطقة.
عند العالم باب ، وعند ربنا الف باب.
mtair@addustour.com.jo
الدستور