لا نبالغ بالقول إن المعرفة والمعلومات أضحوا من أولويات الحياة، وليست المعرفة فقط هى التي تشكل قوة للإنسان نتيجة التأملات العقلية البحتة بل أيضا هى تلك المستمدة من حركة الواقع بأخذ الحواس بعين الاعتبار باستخدامها الامثل من خلال وضعها بإطارها الصحيح وموقعها الملائم.
المعرفة والمعلومات في التعاون على التنمية والبناء حيث أصبح العالم كأنه وحدة صغيرة متكاملة ومتجانسة ولا شك ان العالم الغربي نجح في هذا من خلال التكتل والتعاون والتآزر في عمليات النهوض المجتمعي بشكل عام أما عالمنا العربي فلا يزال يشهد العديد من التخلخلات، فعلى سبيل المثال محاولة توحيد المناهج في الوطن العربي منذ نصف قرن لا تزال قيد الدراسة والبحث بل ونشهد اليوم توجه الوطن العربي الى الاقليمية الضيقة في صور شتى وطننا العربي تجمعه اللغة والدين والتاريخ وتتوحد بلدان اوروبية تتناقض في خبرتها التاريخية ولكل منها لغة خاصة.
المعرفة والمعلومات أو حركة الاتصال الحديثة التي يسير من خلالها العالم حيث أذابت الفوارق الثقافية بين المجتمعات المختلفة حتى انها صهرت المحلية والقومية بقالب واحد، وفتحت باب التطور والتجديد بمواكبة حثيثة لما يتم الوصول إليه من محدثات العلم وتطبيقات التكنولوجية مما أدى أيضا الى تحول او تغيير في مفهوم السلطة او القوة، فلا تعتبر الآن القوة في العضلات كما كان الاعتقاد ولم تعد السلطة او القوة في إمتلاك العدد الأكبر من الاسلحة وانما اصبحت الحركة التكنولوجية والاستخدام الامثل لها، فهى الاقتصاد وهى التي تترجم احتياجات السوق وسياساته والاخذ والعمل بهذه السياسات وتطبيقها وإن استغرقنا الكثير من الوقت، فإن كان البعض ينظر للخصخصة بأنها سياسة اقتصادية فاشلة فهو بسبب ان الخصخصة منظومة فكرية متكاملة إلا أن تطبيقها كان بسياسة الانتقاء والتي هى في حد ذاتها منهجية مرغوب فيها، إلا أن معيار الانتقاء هنا هو مصلحة الفئة القليلة وليست المصلحة العامة، فالخصخصة هى عمل دؤوب وسياسات مترجمة من خلال سلوك روتيني ومواجهة العقبات بترجمة التخطيط السليم على ارض الواقع وبهذا كما قلنا تكون القرارات نتائج وليس فزعات و يكون العمل مسؤولية حقيقية وليس مكانة اجتماعية ويكون النسيج الاجتماعي حقيقيا متينا وليس حقيقيا هشا.
حمى الله الاردن
(الدستور)