عرض مشعل {السخي} ومشاهد غزة
بسام بدارين
15-06-2007 03:00 AM
أثارني خالد مشعل حتى القرف وهو يستثمر {براغماتيته} في غبر مكانها ولا زمانها لكي يزامن قاصدا – على الأغلب- بين عرضه السخي على الدولة الأردنية والشعب الأردني وبين المشاهد {المؤذية} للروح قبل النفس والجسد لما فعلته ثلة من الأشقياء والزعران في قطاع غزة.وعرض مشعل من حيث التوقيت ينبغي ان يقرأ بعناية فالرجل يختار شخصا محددا وصحيفة محددة لكي يبلغنا بإنتهازية سياسية واضحة بان حماس {بشكلها الجديد وبعد إختطافها من قبل طرف إقليمي قوي}هي المعبر الآمن لإستراتيجية الدور الأردني في المعادلة الفلسطينية على إفتراض ان هناك فعلا إستراتيجية.
والغريب ان الزميل ناهض حتر ناقل العرض {المشعلي} يقبل التحدث عن {المستقبل} ويوافق على وجود إستراتيجية أردنية في فلسطين عندما تتحدث عنها حماس او جناح في حركة حماس فيما يعتبر الزميل نفسه ان أي حديث من أي نوع حول نفس العنوان تجاوب من طراز خاص مع العدو الصهيوني ومحاولة بائسة لتهديد الهوية الوطنية الأردنية.
ولا أعرف الأن كيف يكون حديث أي منا عن ضرورة الدور الأردني في المعادلة الفلسطينية ضرب من ضروب الكفر والخيانة بينما تضفى الشرعية على نفس الحديث عندما ينطلق من اللسان المقدس وننقصد لسان خالد مشعل صاحب الفضل الأول والأساسي ليس في إنتاج شرخ بين الشعب الأردني بكل مكوناته وبين حركة المقاومة الإسلامية فقط ولكن في إنتاج حالة {فصام} حتى داخل الذاكرة الفلسطينية والحماسية سببها ممارسة النكاية بالنظام العربي الرسمي عبر ظبط الساعة على توقيت طهران.
مشعل تحدث مع الزميل حتر كزعيم سياسي براغماتي منتصر يعمل في نطاق حسابات {دنيوية} ومصلحية لا علاقة لها بإلله او بالوطن أو بالجنة وبهذه الروحية النفعية خرج مشعل علينا بفتواه الجديدة دون ان يقول لنا صراحة انه يقود حركة سياسية تسعى للسلطة والحكم وليس للتحرير ولرضى ألله أو الإستشهاد كما يستقر في أذهان الشعب الأردني.
والفرصة,بطبيعة الحال كانت مواتية لكي يخلط مشعل الأوراق ويذكرنا ما دام الحديث مع زميلنا حتر بأن دعاة الحقوق المنقوصة او الإحقاق الدستور ي في الأردن رجس من عمل الأمريكان والإسرائيليين دون ان يقول لنا كاهن حماس الأكبر الأن ما هي الآلية التي سيتبعها عندما سيأخذ معه – نصف الشعب الأردنيبعد ان ينجز صفقته المقترحة لتمرير وضمان مصالح الإستراتيجية الأردنية على الأرض الفلسطينية.. كيف سيحمل مشعل معه نصف الشعب الأردني على الأقل بإتجاه {دولته الألهية} بعد تحريرها ليس من الإسرائيليين ولكن من عملائهم الذين يشكلون نصف أبناء الشعب الفلسطيني؟.. ما هو بصورة محددة مصير هؤلاء بعد ان ينجح مشعل وحتر في التلاقي كممثلين وحيدين للوطنية الحقيقية شرقي وغربي النهر في إقناع {الدولة الأردنية} بالتلاقي الأكبر مع دولة مشعل التي يقودها {الملالي} عن بعد ؟..
.. هذا المنطق مقرف ويخبرنا كم نحن الرعاع والعامة سذج وبسطاء عندما {نزهنا} حماس عن الغرض السياسي وأجلسناها في وجداننا كحركة إلهية دائما مستهدفة ولا تبحث عن سلطة او مصالح إنما عينها على التحرير اولا ثم الإنسحاب للعبادة وترك السلطة ثانيا على أساس ان قادتها لا يؤمنون بالصفقات السياسية ولا يبحثون إلا عن ألله, وها هو خالد مشعل يطالعنا بتوقيت حساس وغريب بعرض {سخي} عبر الممثل الشرعي والوحيد {للوطنية الأردنية} في الجسم الصحفي .
ومضمون العرض واضح ومباشر وبسيط .. إدانة كل العملاء والجواسيس الذين يتحدثون عن دولة عصرية وديمقراطية في الأردن تمثل كل أبنائها في المرحلة الأولى ثم إستهداف نفس العملاء والجواسيس والمطبعين الذين يتحدثون مبكرا عن {مستقبل العلاقة الأردنية الفلسطينية} في المرحلة الثانية والإنتقال فورا للمرحلة الثالثة والتي تتمثل ب:
- إتفاق جنتلمان بين حماس {المنتصرة} وبين الدولة الأردنية.
- خطلف حماس للأردنيين من أصل فلسطيني في سياق هذا الإتفاق.
- تمرير إستراتيجية الدور الأردني في فلسطين عبر حماس دون غيرها.
- الإتفاق لاحقا على الحقوق المنقوصة او الزائدة وفقا لما يراه محتكروا الوطنية في الجانبين فقط.
- إقامة علاقة عبقرية وبراغماتية بين المشروع الأردني والمشروع النقيض بنسخته الإيرانية عبر دولة خالد مشعل المفترضة التي تعرف تمام المعرفة بان {الإسرائيلي} فتح قصدا باب {تهريب السلاح} في غزة قبل الأحداث الأخيرة.
- أخيرا لا يوجد ما يمنع رموز العلاقة الجديدة من التحدث الأن عن المستقبل بعد إخراس كل {أخر}
يتحدث عن نفس المستقبل بشكل {غير شرعي}.
والأغرب ان هذه الأفكار {العبقرية} يحاول مشعل تسريبها في الواقع الإعلامي الأردني في محاولة واضحة لصرف الأنظار عن ما رأيناه مؤخرا في قطاع غزة من مشاهد تؤلم ذاكرتنا وتنتج {ندبا} في الروح من الصعب شفائها.. وهنا فليسمح لي القاريء الكريم ببعض ما لا يستطيع ضميري تجاوز مناقشته:
.. حركة فتح علمانية ولا تقول لنا على الإطلاق ولم تقل في الماضي انها تمثل الإسلام او ألله ولا يوجد بجانب إسمها وتعريفها كلمة {.. الإسلامية} وهذا يعني بساطة اننا كبشر ومسلمين نفترض بان حركة من هذا النوع أقرب للخطأ والخطيئة والبراغماتية الشنيعة حتى وإن كان واقعها يشير لإنها اصبحت مؤخرا حركة مخطوفة من قبل بعض الفاسدين واللصوص والزعران.
لذلك نحن ندين كل ما فعلته حركة فتح على صعيد الإدارة السيئة وتحديدا على صعيد إستهداف أبناء حركة حماس المخلصين والأنقياء لكن حماس وهي تحتفل بإنتصارها الفارغ في غزة لم تلتزم أبدا بأبسط معايير الحرب والجهاد التي وضعها ديننا الحنيف رغم انها معنية بالإلتزام أكثر من حركة فتح لإنها ببساطة تقول لنا انها حركة إسلامية والله بكل تأكيد لا يقبل من المجاهدين إلقاء خصومهم من الطابق 16 مقيدي الأرجل والأيدي فهذا سلوك مجرمين وليس مقاومين.
والإسلام ,ما دامت حماس محتفظة بكلمة {إسلامية} مع إسمها الطويل .. لا يقبل إنتهاك حرمات بيوت المحصنات والمسلمات تحت أي ظرف ولا يقبل {الإنتقاء} في إغتيال الأشخاص حيث تم الإفراج عن أبناء القبائل القوية في غزة من جماعة فتح بعد إعتقالهم فيما خضع {الغرباء} من محترفي العسكر الفلسطينيين للتصفية الجسدية بمعنى ان حماس قتلت بعض أبناء الضفة الغربية من الذين لا ينتمون لعشائر مهمة في غزة والذين لا يمثلون حركة فتح وكانوا يشغلون وظائف عسكرية فيما أفرجت عن بعض مقاتلي فتح من ابناء عشائر غزة الأقوياء... هذاسلوك {عصاباتي} وبراغماتي بشع وليس سلوك مقاوم او ممثل لله في الأرض.
وبعض هؤلاء الضحايا كما يشهد الروائي الفلسطيني الكبير رشاد أبو شاور كانوا ممن {حيروا} الدبابة الإسرائيلية في بيروت وقضوا في سياق حملة تصفيات حماس ليس لإنهم فتحاويون ولكن لإن احدا لن يطالب بدمهم قبليا في غزة فهل هذا سلوك طبيعي؟.
. حاولت كإنسان أن اجد تفسيرا لتحطيم أجهزة كومبيوتر الشعب الفلسطيني او مبررا جهاديا {لتعرية} الأسرى من جماعة فتح خلال إقنيادهم ولم أوفق في ذلك ,, ولا زلت أؤمن بان احدا في الكون لا يحق له قتل أخر بدون محاكمة عادلة فحماس عانت أيام عرفات رحمه ألله من غياب المحاكمات العادلة لكننا لم نسمع بان رجالها فكروا بأي محاكمة لمن إتهموا بانهم عملاء او شاركوا في تعذيب الشعب الفلسطيني كما قال الناطق أبو زهري.
.. بإختصار ما فعله انصار حماس في غزة صادم ومحير وبحاجة لتفسير رغم اننا ندين مسبقا تصرفات حركة فتح على صعيد الإدارة وعلى صعيد إستهداف حركة حماس التي كان يمكن لها ان تنسحب من التشريعي ومن الحكومة لكي تجلس كمعارضة وطنية شريفة وفصيل مقاوم في أحضان عيونننا جميعا في الأردن وفلسطين.. لكن من الواضح ان طرفا ما في الإقليم لا يريد ذلك.
وقد نفهم كل ما حصل إذا قالت حماس لنا علنا انها جماعة سياسية {دنيوية} تطلب المجد والسلطة في الدنيا ولديها مصالح على الأرض ومن حقها الحكم لإنها قدمت الكثير من التضحيات.. إذا قالت حماس ذلك سنفهم الكثير مما حصل دون ان نعفيها من المسئولية {الأخلاقية} عن مشاهد العنف غيرالأخلاقية التي شاهدناها وجرحت أرواحنا.
وقبل ان ننتهي لابد من محطة موازية..ومن الواضح انه علينا أن نعرف الأن ما إذا كان الشيخ عزام الهنيدي مثلا او الشيخ زكي بني إرشيد يمثلان فعلا {سياسيا} ام يمثلان ألله في الأرض ويسعيان فقط لصلاح الناس والمجتمع؟؟ .. إذا كان قادة الحركة الإسلامية في الأردن {سياسيين} ينبغي ان لا يوروطونا في الخديعة مجددا كما فعلت حماس وعليهم ان يتوقفوا عن إعتبار أنفسهم أكثر {إيمانا وتقوى} منا جميعا فالمسجد والمصحف وألله والرسول عليه الصلاة والسلام لنا جميعا وليس حكرا عليهم.