"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"
السفير الدكتور موفق العجلوني
01-03-2021 03:57 PM
"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" ...!!! هكذا خاطب الرئيس الدكتور بشر الخصاونه في قرارة نفسه كل من وزير العدل التلهوني ووزير الداخلية مبيضين الذين اختارهم ليكونوا السند والعضد في تطبيق القانون وتنفيذ اوامر الدفاع: " اخترتكم لتأدوا الأمانة، ولكن بكل اسف اعتقدتم او سهوتم أنكم خارج امانة الصندوق فنسيتم انكم الأولى بالمحاسبة والأولى بالعقاب. لن تتوقف المحاسبة عند مجلسي في رئاسة الوزراء، فأنتم طرقتم الباب وتستحقون سماع الجواب. ولن اتوانى في اتخاذ اشد الإجراءات والعقوبات فيمن يخالف أوامر الدفاع ويكسر القانون ولو كان أقرب الناس الي والدي هاني الخصاونه ".
نعم هذا باعتقادي ما دار ويدور في فكر الرئيس الدكتور الخصاونة. كيف يقوم أهم وزيرين المسؤولين عن العدالة وتطبيق القانون وأوامر الدفاع وأول من يخترقاها ويتجاوزاها ...!!!، مع كل التقدير والاحترام لهاتين القامتين الاردنيتين التلهوني ومبيضين واللذان تربطهما بي علاقة تقدير واحترام على المستوى الشخصي. ولكن لكل جواد كبوة، ولكن بكل اسف هذه الكبوة جأت للجوادين في زحمة السباق، الامر الذي كان لا بد ان يتم اخراجهما من حلبة السباق بأسرع وقت ممكن لكيلا يتضرر جمهور المتسابقين والمشاهدين.
الظروف في غاية التعقيد، ورجلين في قمة المسؤولية وهما الأولى في تطبيق أوامر الدفاع وتطبيق العدالة ومحاسبة المخالفين لأوامر الدفاع. لم يكن امام الرئيس قرار اخر باستثناء خروج الوزراء المحترمين من الحكومة، هذه الحكومة والتي تتحمل كل الأعباء امام الشعب الأردني والمطلوب من أعضائها اولاً الالتزام بأوامر الدفاع ... ماذا اذاً نقول للشعب الأردني.
حقيقة لا بد من رفع القبعة للرئيس الدكتور بشر الحصانة، رسالة واضحة بتطبيق احكام القانون على المجتمع الأردني، سوآء كان وزيراً او نائباً او مسؤولا، بكل حزم وعدالة وشفافية وانصاف. لا يعقل على الحكومة ان تطالب المواطن الالتزام بأحكام القانون وتطبيق اوامر الدفاع، وتنسى الوزراء والمسؤولين.
كانت هنالك توجيهات ملكية ضمنتها الورقة النقاشية السادسة والتي تحمل عنوان : "سيادة القانون اساس الدولة المدنية " .ومع الاهمية البالغة لكافة الاوراق النقاشية لجلالة الملك ،وترابطها مع بعضها البعض ،الا ان ما تضمنته الورقة النقاشية السادسة يعتبر نقطة ارتكاز ومحور رئيسي للأوراق الاخرى، كون سيادة القانون هي المظلة التي تحمى مسيرة الديمقراطية والاصلاح فى المجتمع وعنصر محفز لأحداث التنمية والتطوير.
وللدلالة على اهمية ما ورد فى هذه الورقة فقد تم وبتاريخ 18/10/2016 تشكيل لجنة ملكية لتطوير الجهاز القضائي وتعزيز سيادة القانون، والتي وضعت توصيات محددة وواضحة هدفها تنفيذ مضامين الورقة النقاشية السادسة وفى محورها الخاص بالقضاء الاردني.
وبتاريخ 8/1/2018 وخلال لقاء جلالة الملك مع رئيس مجلس النواب والمكتب الدائم ورؤساء واعضاء لجان مجلس النواب قال جلالته: انني قدمت أكثر من ورقة نقاشية لشعبي ولكنني لا ارى ان هناك تطبيقا كافيا من قبل المؤسسات المختلفة.
اذاً لابد ان تنعكس هذه الافكار على ارض الواقع من خلال الفعل وليس القول فقط. سوآء في الورقة النقاشية السادسة التي أشار اليها جلالته او باجتماع جلالته في المكتب الدائم لمجلس النواب وبضرورة استعادة الثقة في البرلمان. علماً اننا لاحظنا هنالك خروقات في مجلس النواب بعدم الالتزام بأوامر الدفاع. والأولى بتطبيق أوامر الدفاع بالدرجة الاولى هم السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وأتذكر هنا قول جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله بموضوع إطلاق العيارات النارية في اعقاب الانتخابات البرلمانية، انه يجب تطبيق القانون على الجميع وبدون استثناء حتى لو كان سمو ولي العهد الأمير الحسين. فهذه رسالة واضحة، واعتقد ان الرئيس الخصاونه لديه من الذكاء الكافي لالتقاط توجيهات/ أوامر جلالة الملك وتطبيقها بكل حزم وعدالة وشفافية على الجميع وخاصة ممن يحملون مواقع سياسية هامة، كما حصل مع وزيرين سياديين الداخلية والعدل. واني على يقين تام ان هذا الاجراء الذي اتخذه الرئيس الخصاونه جاء لتكريس ظاهرة العدالة والمساواة والشفافية بحيث تطبق على الجميع دون استثناء، فيما الأصل ان يكون أعضاء مجلس الوزراء القدوة للناس.
هذه الحادثة حقيقة تعيدنا الى نصوص الدستور، بآن مجلس النواب هو المسؤول عن مراقبة الحكومة والوزراء، وعندما مرت الحادثة دون صدوراي شيء من مجلس النواب، هذا يؤكد غياب مجلس النواب، علاوة على عدم التزام عدد من أعضائه بأوامر الدفاع، وبالتالي اين دور مجلس النواب في تطبيق القانون. وبالتالي اين الدور الرقابي لمجلس النواب على الحكومة والوزراء والمسؤولون، سؤال يوجه الى رئيس مجلس النواب الأستاذ عبد المنعم العودات والمكتب الدائم للمجلس.
ونظراً لما يمر به الأردن في هذه الظروف الصعبة والحساسة في ضوء ازدياد عدد الوفيات والإصابات بفايروس كورونا، باعتقادي لن يتهاون الرئيس الخصاونة بتطبيق القانون على كل من يخالف أوامر الدفاع سوآء كان وزيراً او نائباً او مسؤولا والكل تحت القانون بكل عدالة وشفافية.
الوضع بحاجة الى تظافر الجهود من قبل الحكومة ومجلس النواب والمجتمع الأردني كافة وخاصة القطاعين العام والخاص بالالتزام بتطبيق القانون والالتزام بأوامر الدفاع، حتى يستطيع الأردن الخروج من هذه الجائحة بعون الله الى بر الأمان. وربما كل ضارة نافعة، أملين ان يكون خروج الوزيرين المحترمين من الحكومة درسا وعبرة لكافة المسؤولين والمواطنين بالالتزام بأوامر الدفاع حفاظاً على سلامة الجميع.
حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة، داعين المولـي عز وجل ان يهدي الجميع الى السلوك السوي من خلال الالتزام بالقانون والالتزام بأوامر الدفاع حتى نخرج من هذه الجائحة الى بر الأمان. والله ولي التوفيق. وأعان الله الرئيس الدكتور الخصاونه على تحمل مسؤولياته الجسام وفي هذا الظرف بالذات.