الصين حسمت معركتها مع ثالوث الفقر والمرض والجهل
د. سمير حمدان
28-02-2021 04:59 PM
في خطابه قبل يومين أعلن الرئيس تشي بنغ الانتهاء تماما من تنفيذ خطط الدولة والحزب في القضاء على أخر جيوب الفقر في الصين مع مراعاة كل المعايير الدولية التي تعرف الفقير . ولا يمكن فهم عمق وأهمية هذه المسألة إلا بالعودة الى جذورها. لقد أعلن الرئيس ماو سيتنغ جمهورية الصين دولة مستقلة في الأول من أكتوبر عام 1949 . ومنذ ذلك التاريخ أدركت القيادة الصينية أن لا نهضة في البلاد دون الخلاص من ثالوث الفقر والمرض والجهل . حيث أطبق هذا الثالوث المقيت على حياة الصينيين لمئات السنين.
لنا أن نتخيل بلد هو الأول سكانيا في العالم ،حيث أشارت الإحصاءات مطلع الثمانينات إلى وجود 770 مليون فقير أي ما نسبته 97% من السكان . هذا الرقم كفيل بدب الذعر والخوف في كل مفاصل المجتمع . لكن القيادة الصينية مستندة الى القيادة الخلاقة للحزب الشيوعي تمكنت من وضع الخطط قصيرة المدى وطويلة المدى لمواجهة هذه المشكلة.
كان التعليم المفتاح الأساسي للتعاطي مع مشكلة الفقر . وهكذا تم صياغة نظام تعليمي مرن يتناول كل جوانب الحياة مع التركيز على عدة مناحي أبرزها:
مجانية التعليم
الوصول بالتعليم للقري والأرياف من خلال المدارس المتنقلة
وضع سياسة واضحة لبرامج اعداد المعلمين وانشاء جامعات خاصة لإعداد المعلمين والمناهج
تعظيم دور المعلم مستلهمين عناصر القوة في فلسفة كنفوشيس
المزاوجة بين التعليم المهني والأكاديمي
اختيار أفضل خريجي الثانوية لمهنة التعليم
وهاهي السنوات تمضي وهي بعمر انسان أي منذ العام 1949 وحتى العام 2021 أي سبعون عام وسنتان وإذا بالصين تحتل مراتب قمة الهرم في جودة التعليم.
لقد أصبح التعليم مدخلاً لتطوير القطاع الصحي الذي يؤمن الرعاية ل 1.3 مليار نسمة وهو ما يكافئء خمس سكان الكوكب. كان التركيز على توفير الرعاية الصحية الأولية للمواطنين وذلك بوصول العيادات والأطباء للأرياف والبوادي . وبشهادة المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية التي امتدحت كفاءة النظام الصحي الصيني.
وحيث يعيش العالم الأن الأثار المدمرة لجائحة كورونا كانت الصين البلد الأول الذي اكتوى بنارها. بالصبر والعلم والعزيمة ها هي الصين الدولة الأولى في العالم التي تعافت من المرض وعادت الحياة الى طبيعتها . وقد كانت الصين سباقة في اكتشاف أول لقاح ضد المرض وقدمت خلال شهرين ما يزيد عن 40 مليون جرعة مجانية لشعوب العالم وكان لبلدي الأردن منها نصيب. في الوقت الذي تتسابق فيه أوروبا وأمريكا على احتكار اللقاحات.
إذا لا عجب ولا غرابة بأن يغذ الاقتصاد الصيني الخطى نحو احتلال المرتبة الأولى في العالم وهي على مرمى حجر . في الوقت الذي نشهد فيه تضعضع أعتى الاقتصادات في أوروبا وأمريكا.
الصين تمتلك تجربة غنية في القضاء على ثالوث الفقر والمرض والجهل، هذا الثالوث الذي لا يزال يفتك في شعوب منطقتنا التي قارب عمر أقطارها المائة عام. وهذا يتطلب الانفتاح على الصين والكف عن الركوع للولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الناتو التي جلبت لنا الويلات من خلال ما أشعلته من حروب في الامنطقة تارة عبر الحلفاء وتارة بشكل مباشر.