الدبلوماسية وعلم الآثار (التعاون الأردني الفرنسي)
إيمان صفّوري
28-02-2021 02:59 PM
إن الشراكات الدولية واستدامتها يتطلب مهارات دبلوماسية رفيعة المستوى للسفراء وممثلي الدول. يعزّزها التفاهم المتبادل وإصلاح الأسوار وبناء الجسور والتي بدورها تساهم في تعزيز الأدوات السياسة الفاعلة في النظام الدولي. وبقدر كبير ؛ يعدّ التعاون في المجال الآثري من أشكال الدبلوماسية بين الدول لاسيّما الثقافية منها.
يشكل علم الآثار جزءًا مهمًا من مجموعة الأدوات الدبلوماسية، و يشغل حيّزاً هامّا في السياسة الخارجية أو ما يسمى "الدبلوماسية الثقافية"؛ فأعمال التنقيب والبحث وجهود بعض الدول لاستعادة الأعمال الفنية الثقافية كاللوحات والآثار من بعض المتاحف الدولية، والتعاون الدولي للحفاظ على المواقع التاريخية، كلها أمثلة على تلك الدبلوماسية الثقافية. وإن هذا العمل يؤثر على العلاقات الدولية وروابطها.
وهناك علاقة عمل متميزة وقويّة تربط الأردنيين والفرنسيين في هذا المجال. ويُجري فرع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان بحوثًا في علم الآثار والتاريخ وعلم الاجتماع المعاصر ويعتبر ذا أهمية علمية لفرنسا والأردن.
المعهد الفرنسي للشرق الأدنى (IFPO) Institut français du Proche Orient ، مركز أبحاث مكرّس للبحث العلمي في المنطقة من حضارات الشرق الأوسط والثقافات العربية الإسلامية ، من العصور القديمة إلى العالم المعاصر و يمرّ عبر الزمن الكلاسيكي. وفي جهوده المؤثرة؛ يمثل Ifpo أيقونة الشرق الأدنى الرائد في مجال المعرفة العلميّة والتعاون في جميع ميادين العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة منذ العصور القديمة حتّى أيامنا هذه.
وخلال السنوات الماضية، تم إطلاق تعاون في المجال الأثري حيث أجريت العديد من الحفريات خاصة في قصر الحلابات، قصر العبد، قصر عمرة وقصر البنت البتراء، وحرم زيوس في جرش.
ومضى عشرون عاماً على البعثة الأثرية الفرنسية في موقعين رئيسين في البتراء منذ 1999 شملت دراسة حرم قصر البنت ومحيطه (المبنى الأساسي في المدينة النبطية وأحد أكبر المباني رمزية) اضافة موقع جبل الخبيثة في البتراءّ، وتحت إشراف عالم الآثار الدكتور فرانسوا رينيل و بمشاركة ودعم باحثين من Ifpo وشركاء فرنسيين و بالتعاون مع الخبراء الأردنيين من دائرة الآثار العامّة والجامعات الأردنية ومع محمية البتراء الأردنية.
وتجمع اتفاقيات تعاون ما بين جامعة الحسين بن طلال والسفارة الفرنسية في مجال الآثار، تشمل دعم الطلاب المتدربين المشاركين في التنقيب عن الآثار في إطار المشروع المشترك: "المشروع الأثري للبادية الشرقية الجنوبية"، وبالتعاون مع جامعة ليون الفرنسية.
لذا فإنّ الأردن بتاريخها العريق والغني بالحضارات والثقافات المتعددة بقي جاذباً لحملات البحث والتنقيب كما سيكشف لنا دوماً عن المزيد من المنحوتات والأبنية والممتلكات الأثرية والفنيّة التي تعبر عن هوية الدولة، ناهيك عن أهميتها التاريخية وما تثيره من مشاعر إنسانية؛ فالتحف والروائع الفنية إحدى مظاهر الفنّ والفنّ ينبع من الثقافة؛ والحفاظ عليها هو استمرار للموروث الحضاري و يساهم أيضاً في تزايد دور الاقتصاد السياسي للموروثات الثقافية و من خلال جذب الوافد لرؤيتها وعن طريق ما يُعرض منها في المتاحف والمعارض الفنية.