قراءة في رسالة جلالة الملك لمدير المخابرات العامة
د.بكر خازر المجالي
26-02-2021 11:12 AM
هل ستنتهي مقولة : في اوامر من فوق ؟؟
التصدي للفراغ الكبير الناشئ عن مؤسسات بلا ادوات
جاء في رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني لمدير المخابرات العامة القول: "أما وقد دخل الاردن الآن في مئويته الثانية" ثم كانت هذه الرسالة الواضحة لتتحدث عن المستقبل وعن منهجية جديدة للتعامل مع اركان الدولة تدعو لنفض غبار الماضي ووقف اختلاط الصلاحيات، وان تتحرر كل مؤسسة من قيود معينة وتنطلق لتفصح عن ابداعها وقوة قرارها باستقلالية طالما اننا اهل للمواطنة والجميع هو عضو فاعل ومنتج ونحن لا نختلف مع الوطن ولكن قد نختلف في اساليب العطاء لتكون اكثر تميزا وان تكون المئوية الثانية حالة جديدة من العمل على اساس الكفاءة والنزاهة والمقدرة.
ربما حين ندخل في تشريح العمل المؤسسي لدينا فاننا سنلاحظ بوضوح تلك المظاهر التي احيانا تريح بعض المؤسسات في عملها بالقاء العبء والقصور على مؤسسات اخرى، وايضا ونلاحظ ان هناك اشخاص لا يعملون الا بما يمليه الاخر عليه اما هاتفيا او وجاهيا ويتستر وراء ذلك، واذا تعرض لنقد ما يجيب "هيك الجماعة بدهم" او "رجاء الموضوع مش بيدي" او "هذا الموضوع لا يناقش والامر محسوم وانتهى" وغير ذلك من الاقاويل. وهنا نتذكر في احد احاديث جلالة الملك عبدالله الثاني قبل سنوات عندما انتقد هؤلاء واشار صراحة بقوله "بدنا ننتهي من قول هذه اوامر وتعليمات من فوق"
ونلاحظ هنا أن الولاءات تنتقل من خدمة المؤسسة الى خدمة اجهزة اخرى لضمان البقاء في المنصب ولا يخلو هذا الامر من الكيدية والحاق الظلم باصحاب الكفاءات ونرى حالات الاقصاء العديدة، وكذلك سنلاحظ تبوأ اشخاص لمراكز متقدمة لانهم من اصحاب الألو والتقارير الكيدية وهم ليسوا اهلا لذلك بل سيكونوا جزءا من التدمير لهذه المؤسسات
كان يمكن ان تكون هذه الرسالة خاصة وضمن القنوات الضيقة دون الاعلان عنها، ولكن اراد جلالة الملك عبدالله الثاني ان يقرأ الجميع مضمون رسالته وجلالته يشير الى معنى دخولنا المئوية الثانية لنكون اكثر قدرة واكثر شفافية والادق في الاختصاص وتعظيم القدرات والانجازات
اكد جلالة الملك على مفاهيم ندخل فيها الى المئوية الثانية وهو يركز على مسار التجديد والتحديث والتطوير ضمن منظومة الاصلاح الشامل، ولعل في اشارة جلالته الى وجود (مؤسسات بلا أدوات) يلخص المعنى العميق للرسالة وكيف ان دائرة المخابرات كانت تقوم بملء الفراغ الناشئ عن تقصير هذه المؤسسات، وهو فراغ باشكال مختلفة، وكيف ان على دائرة المخابرات التي هي محل اعتزاز جلالته واعتزاز كل المواطنين ان تتفرغ وان تتحرر من "العبء الثقيل" هذا العبء الذي هو على حساب مهنيتها وواجباتها الاستخبارية، وحين دعا جلالة الملك للتركيز على مجال اختصاصها فهي دعوة لكل المؤسسات لان تركز على مجال اختصاصها وان تتحرر كل مؤسسة من بعض العقد التي تعرقل عملها وهي تتنتظر ضوءا اخضر من اي مصدر وانه لماذا لا تمتلك كل مؤسسة اضواءها الخضراء والحمراء والصفراء طالما تعمل بثقة ومؤسسية وحق ومهنية وتثق بقراراتها وبموظفيها،
رسالة تحمل في سطورها معان وابعاد خاصة من خلال دعوة جلالته لأن ندخل المئوية الثانية بقيم المواطنة الراسخة على اساس الكفاءة والقدرة وان تكون المهنية والانضباط هي العنوان لنا في مسيرتنا وان يكون العمل المؤسسي رائدنا اضافة لتعزيز دور الافراد
الرسالة باعتقادي ستكون واحدة من سلسلة رسائل تذكرنا في الاوراق النقاشية خاصة الورقة السادسة التي تدعو الى سيادة القانون وان نكون اهلا لمواجهة التحديات والمخاطر طالما واجهنا في المئوية الاولى الكثير من المواقف الصعبة والتحديات.
قراءة فكر جلالة الملك عبدالله الثاني وتوجيهاته سترسم فعلا منهجية فكرية علمية على اسس من العدل والشفافية لندخل المئوية الثانية بقدرات ابناء على ما انجزه الاجداد وان نصل الى المئوية الثالثة بذات الروح والتصميم.
ونحتاج الى اكثر من رسالة مماثلة إلى اكثر من مؤسسة بذات المعنى والمفهوم.