سادت عند العرب في عصر الجاهلية عادة شق الجيوب ولطم الخدود عند فقدان عزيز بالوفاة وذلك للتعبير عن شدة الحزن والانكسار والحيرة أمام هذا الحدث الجلل فليس بمقدور الأنس تغيير واقع الحال او إعادة الحياة للميت فيحل العجز والبؤس والبكاء والعويل حتى تنجلي الغمة ويزول الكرب بمرور الزمن.
وهكذا يقف الإنسان عاجزا حائرا عندما لا يمتلك أدوات التغيير والتبديل وصناعة القرار لانه فاقد للحيلة والصنيعة ولكن في مواقف أخرى قابلة للتصرف فإنه يستخدم علمه وحكمته ومعرفته ودرايته ويستعين بأهل المشورة والرأي لنسج الحلول واتخاذ القرارات وتغيير الواقع إلى واقع مأمول وهدف منشود.
نقول هذا بعد تصريحات بعض السادة الوزراء التي يشكون فيها همهم ويندبون فيها حظهم بما حوت وزاراتهم من مشكلات ومعضلات لا طائل لهم في حلها وتفكيك الغازها كالقول ان البطالة قنبلة موقوتة وان قطاع الزراعة يحتضر والحكومة عاجزة أمامه وان الموازنة عجزها كبير وليس لنا الا فرض الضرائب او تسريح الموظفين وتخفيض رواتبهم وغيرها.
وهكذا يتكرر المشهد ليبرئ كل ذي خليقة يده ولسانه من سوء النتائج ويكتفي ببث همه وحزنه للرأي العام وللحكومة بأنه لا يملك أدوات التغيير ويكتفي بالدعاء المجرد من القطران.
وهنا المكمن المحزن عندما يغيب العلم وتغيب المعرفة والخبرة والدراية والمشورة وتتقوقع الامكانيات إزاء مشكلات قابلة للحل بجرأة اتخاذ القرارات وبحكمة الصنائع ومناعة العزائم وصيرورة الهمم.
فكيف لمن يقف في اعلى السلم ولمن يتربع على عرش المنصب ويفخر بمنزلته العالية ان يكتفى ببث همه ونشر شكواه وعجزه عن ترشيح الحلول بشجاعة لا تهزم.
آن الآوان وحان الوقت للولوج إلى خطوات عملية ومخططة لمعالجة المشكلات وعدم الاكتفاء بالإعلان عنها فالحلول بين أيديكم.