اعداد الاصابات بفيروس كورونا المستجد عادت للارتفاع مجددا وعاد معها الحديث عن اجراءات مشددة قد تشمل اغلاقات واسعة النطاق.
عودة الاغلاقات والحظر سواء كان جزئيا او كليا يعني ان يضعف دوران السيولة في عروق الجسد الاقتصادي.
اذ يؤدي تعطل النشاط الاقتصادي خصوصا اذا ما كان مفاجئا واتسم بالحدة وشمل منظومتي العرض والطلب، في ان معا، الى اختناقات في راس المال العامل والدورة التشغيلية لدى الشركات وبما يؤدي الى تراجع كبير في التدفقات النقدية يفضي الى تشكل ازمات حادة في السيولة.
المشكلة ان ازمات السيولة لا تبقى على حالها ولا تلبث ان تتفاقم وتتطور الى ازمات اعسار مالي. فما يبدأ تراجعا في قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها قصيرة الاجل يتطور وبمرور الوقت (ليس وقتا طويلا) الى تراجع في مقدرة الشركات على اداء التزاماتها طويلة الاجل وعلى نحو يهدد بقاءها وقدرتها على الاستمرار.
المشكلة الاخرى ان الاعسار المالي سريع العدوى والانتشار ما ان يصيب شركة حتى يبدأ بالانتقال الى شركات اخرى داخل نفس القطاع، وما هي الا ان تنتقل العدوى الى القطاعات الاخرى بفعل التشابك والترابط الكبيرين بين القطاعات المختلفة داخل المنظومة الاقتصادية.
خلال الموجة الاولى من الجائحة تدخل المركزي باستخدام مجموعة من الادوات لضخ السيولة في عروق الاقتصاد. وقد نجح في احتواء الموقف الى حد لا يستهان به، لكنه استنفذ جزءا كبيرا من ذخيرته النقدية ولم يعد يمتلك متسع من الحيز لضخ مزيد من السيولة.
والاعتماد على البنوك وان كان ما يزال ممكنا فهو ممكن بحدود ضيقة فقط فالبنوك قد تحملت ما يكفيها من الاعباء في المراحل الاولى من الجائحة، ولا ينبغي تحميلها فوق طاقتها خشية ان يؤدي ذلك الى انتقال مشكلة السيولة الى البنوك.
عودة الاغلاقات سوف يقود الى ازمة سيولة ينبغي التجهز لها جيدا لا سيما في ضوء انحسار الخيارات المتاحة للتعامل معها. اذ ان ترك الشركات وحدها في مواجهة هذه الازمة سوف يؤدي حتما الى تفاقم المشكلة واستحالتها الى ازمة اعسار مالي يصعب التنبؤ بمآلاتها وتبعاتها.
وعلى الدولة ان تبدأ فورا بالتفكير بسبل واليات توفير هذه السيولة بالاضافة الى الصيغ التمويلية الانجع التي تضمن وصولها الى الشركات مع ضرورة بلورة معايير لتحديد القطاعات والشركات ذات الاولوية، فالمتضررون من الاغلاقات كثر والامكانيات تبقى محدودة.