رسالة الملك لمدير المخابرات العامة
د. عدنان سعد الزعبي
24-02-2021 10:14 PM
في 1ايار عام 2019 كانت رسالة الملك للواء احمد حسني مدير المخابرات الجديد تتضمن ثلاثة إشارات رئيسية، تناولت الأولى معالجة أخطاء وتجاوزات في جهاز المخابرات العامة، حيث أعلى مرتكبيها من شأن مصالح خاصة وضيقة على حساب مصالح الوطن وثوابت الدولة، في حين تناولت الاشارة الثانية ضرورة التزام الجميع بمبادئ الدستور في الظهور والعمل العام ومن جميع الأفراد بما فيهم افراد العائلة المالكة انفسهم. بينما ركزت الإشارة الثالثة على مرحلة جديدة لا تشهد تجمعات لمصالح فردية على حساب النظام والقانون والدولة وخاصة اجتماعات ذات طبيعة مناطقية يتم فيها الإساءة للدولة وثوابتها.
والواضح ان هذه الإشارات كانت تترجم واقع التحديات المتعلقة بدور دائرة المخابرات ومهامها التي أوكلت للواء احمد حسني المعروف بمهنيته وخبرته الطويلة على الصعيد المحلي واطلالاته على المشهد العالمي وتحديات الوطن بذلك.
وفي الرسالة الثانية التي وجهها الملك في الأسبوع الماضي فان قراءة هذه الرسالة لا يحتاج كل هذه التحليلات التي شطحت بعيدا وفسرة فقراتها كل حسب ما يرغب ويريد، فقراءة وتحليل رسالة الملك الجديدة الموجه لمدير المخابرات الحالي وبواقعية. تشير الى المحطات التالية:
استمرار التركيز على أهمية دور جهاز المخابرات العامة في المنظومة الوطنية الأردنية وترسيخ دوره المهني المبني أساسا على الاختصاص الاستخباري الموضوعي وتعزيز الأمن الوطني عبر العمل الاستخباري المحترف المستهدف مصادر الخطر على بلدنا خارجياً وداخلياً، ومد الدولة بالمعلومات والتقييمات الاستخبارية الدقيقة الشاملة التي تمكنها من تعزيز أمننا القومي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهذا عمل له أهميته الكبرى ويحتاج الى الجهد والاختصاص والتعمق والتفرغ وعدم التشعب الذي يكون على حساب هذه المهام الرئيسة . بعد ان كانت مهامه اكبر واشمل مما بينه قانونه. فجهاز المخابرات كان الدرع الحصين الذي واجه تحديات وطنية وعلى الصعد كافة داخليا وخارجيا وفي مراحل عمر الدولة الأردنية التي شهدت عبر هذه المئوية كوارث إقليمية ودولية الحروب المتوالية والهجرات القسرية ، بالإضافة إلى تحديات الإرهاب وغيره من الجرائم المنظمة والعابرة للحدود التي تتلازم مع الحروب والغياب المزمن للاستقرار الإقليمي في إطاره العريض، حيث برز دور دائرة المخابرات كمتصد كفوء لهذه التحديات وانعكاسها على الداخل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا خاصة مع حداثة التجارب السياسية لمؤسسات الوطن.
لقد اشارت رسالة الملك الى تعزيز دور السلطات الثلاث وعملها المتكامل والتشاركية المسؤولة . فنحن على باب مرحلة جديد من السياسة الدولية ووفق تحديات المرحلة القادمة ، التي تتطلب التأقلم المباشر ، والتعبير عن الملكية الدستورية والدولة المدنية القائمة على تغليب القانون لتحقيق العدل والمساواة بين الجميع والمشاركة الشعبية وفق قوانين تعيد الثقة لراي المواطن وإرادته وحسن اختياره، وتبعث الامل لشبابنا في مستقبل اكثر اهتماما وثقة , واطلاق الحريات وإعادة النظر بكل التشريعات الناظمة للحياة السياسية بقصد اصلاح سياسي يقودنا لاصلاح شامل ، خاصة وان لغط التدخل في الانتخابات ، والزج بالدائرة بمواقف غير صحيحة ، اثار لغطا ترك انطباع ليس مقبولا عند المواطن.
اما الإشارة الثالثة، التي بينها الملك فانها تشير الى حاجتنا الكبيرة لتوجيه جهود دائرة المخابرات في هذه المرحلة والمرحلة القادمة نحو مزيد من احترافية التخصص والتركيز على مد صناع القرار السياسي بالمعلومة الصائبة لتمكينهم من اتخاذ القرار الأنسب باعتباره عمل استراتيجي بامتياز . حيث كثر فيها التآمر على هذا الوطن وبناء مخططات خارجية كان وما زال هدفها النيل من ثبات الوطن ومواقفه ، وزعزعة امنه الاقتصادي والاستثماري والسياسين فما نشهده من فوضى إعلامية ، ولغط اعلامي ، يمارسه من يدعي الوطنية ، ويمثل حرصه على الوطن والزج بالاشاعات والتسريبات ، غير المنطقية التي ترهق ذهن سلوك الحكومات والنواب ، وتزعج نفسية الأردني الذي يواجه تحديات صحية واقتصادية كبيرة .؟
لا نريد بعقولنا كأردنيين ان تسافر شرقا وغربا ، وان نبالغ بالتخمين بمقدار وضع النقاط على حروفها ، ونكون دائما على ثقة بانفسنا وبمؤسساتنا وخاصة الأمنية التي ساهمت وستساهم في بناء الوطن وحمايته من محاولات النيل منه , فاذا كان هناك زيادة على الاختصاص فانه يعود لطلبيعة المراحل التي عاشها الأردن.
اليوم وبعد نضوج المؤسسات ، اصبح من الطبيعي ان تنتهج الدائرة اختصاصها لمزيد من الفاعلية والاتقان والاحترافيه العصرنة ،وهي سمة الدولة الحية . وان تساهم في دخول الأردن المرحلة القادمة باقتدار . فنحن بامس الحاجة لاعادة نمط الصورة المشرقة للاردن، فالمستقبل يجب ان يكون افضل، وتطهير الوطن ممن يحاول المساس به ومواجهة كل من يتآمر ويبيع ويشتري به.