يقول مؤلف عدة كتب حول سيرة قادة متميزين وخاصة من الرؤساء الأميركيين أن خصائص القائد الجيد متعددة ، ولكن أهمها أنه يجيد الاستماع وإذا تكلم يقول الحقيقة. أما حسن الاستماع فيعني سعي المسؤول للحصول على المعلومات والخيارات ، وقول الحقيقة يعني أنه لا يكذب ولا يخفي الحقائق عمن لهم حق الإطلاع عليها.
من الغرابة أن الشرطين المطلوبين في القيادة السياسية المتميزة لا يتوافران في معظم القادة البارزين ، فهم يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء وليسوا بحاجة لمن يدلي لهم برأيه أو معلوماته ، أما إذا خاطبوا الناس فإن آخر ما يهمهم الصدق وقول الحقيقة.
لكي يقول المسؤول السياسي الحقيقة يجب أولاً أن يعرفها ، وهي لا تأتيه تلقائياً ، بل لا بد من البحث عنها ، وهنا يأتي حسن الاستماع ، وقراءة التقارير ، وقراءة الصحف ووسائل الإعلام الأخرى ، والانفتاح على جميع المدارس الفكرية وتقبل الرأي الآخر.
القائد الجيد لا يستمع لأصدقائه وأعوانه فقط ، وخاصة إذا كانوا لا يقولون له إلا ما يسره ، بل يستمع إلى نقاده وخصومه أيضاً ، وهو لا يصغي إلى من يطلبون مقابلته فقط ، بل إلى من يطلبهم هو للاستماع إلى ما عندهم.
يقال أن 90% ممن يطلبون مقابلة رئيس الحكومة أو أي مسؤول كبير في الدولة ، يريدون الحصول على ما ليس لهم حق الحصول عليه ، وهم لا يقدمون له الحقيقة كاملة لأنها لا تخدم أغراضهم ، وتفسر حاجتهم للوصول إلى مستوى أعلى من السلطة التي تستطيع أن تتجاوز القانون.
المسؤول الجيد لا يكافئ المنافقين الذين لا يأتونه إلا بالأخبار السارة ، ولا يغضب على الجريئين الذين يواجهونه بالحقائق مهما كانت مرة.
جزء من فن القيادة عبارة عن موهبة تولد مع الفرد وتشكل شخصيته وميوله واهتماماته ، ولكن جزءاً آخر منها عبارة عن علم وخبرة ودراسة وتعلم ، والموهبة لا تغني عن التعلم.
عندما يكذب السياسي يحقق أهدافاً مؤقتة ، ولكنه يفقد مصداقيته وهي أكبر رأسمال. المصداقية المفقودة تجعل الجمهور يفسر أقوال السياسي بعكس معناها ، فهو يعطي إشارة الاتجاه إلى اليسار لكي ينحرف إلى اليمين ، ولا يتردد في نفي أهدافه الحقيقية أو القبول سراً بما يرفضه علناً.
الراي