المُوَاطَنة الايِكُولوُجِية
السفير الدكتور موفق العجلوني
22-02-2021 01:36 AM
بداية لا بد لي ان احي معالي وزير البيئة السفير نبيل مصاروه، على ديناميكيته في السعي الجاد والمخلص بالمحافظة على البيئة . الا انني في الآونة الأخيرة افتقدت جولاته وصولاته في انحاء وارجاء مملكتنا الحبيبة، ربما بانشغاله في جلسات مجلس النواب والتي امل ان تكون بيئتها خالية من التدخين، وكذلك لا بد من توجيه الشكر الى عطوفة رئيس مجلس النواب الأستاذ عبد المنعم العودات والذي اوعز بآن تكون شرفة مجلس النواب ذات بيئة صحية وخالية من الحواجز التي تعيق الرؤيا وتحجز التنفس للصحفيين اثناء متابعتهم جلسات مجلس النواب.
ومأخذي على الوزير مصاروة، رغم أهمية جلسات مجلس النواب، فهذا ليس مبرراً أن تعيقه هذه الجلسات عن متابعة جولاته الميدانية في ارجاء مملكتنا الحبيبة كما امر جلالة الملك حفظه الله، حيث يمكن لمعاليه ان يتابعها هذه الجلسات عن طريق التواصل الافتراضي، وخاصة اننا بدأنا نلمس هنالك مشاكل بيئية تحتاج الى معالجة فورية وحثيثة ونحن على أبواب الربيع الأردني لنشاهد ونتنعم بجمال طبيعتنا الأردنية الخلابة، والتي هي أكثر جمالاً من أماكن ترك الوزيرالمصاروه بصمات طيبة فيها أمثال سويسرا وتشيلي ولبنان وغيرها.
في تجوالي في أحد المناطق الخلابة في ربوع اردننا الحبيب، بينما كنت اشاهد السهول الخضراء الأردنية المقتضة بالمتنزهين، فاذا بمنظر تقشعر له الاعين والابدان وتشمئز منه النفوس، بقرة نافقة رُمي بها دون خجل او وجل او مراعاة لمشاعر الناس والأطفال الذين كانوا يلهون ويمرحون ويلعبون، بينما رائحة ذاك المنظر تنغص النفوس وتهز المشاعر. وقد كنت ارغب بالاتصال بمعالي وزير البيئة، لكن تعودت كدبلوماسي ملتزم بقواعد الاتكيت والبرتوكول والمجاملة ان لا أزعج الوزراء في يوم الجمعة، لأنه يوم مبارك ويوم عطلتهم وخاصة انهم مرهقين من كثرة الاجتماعات طيلة الأسبوع و المسؤوليات الجسيمة الموكلة اليهم من قبل صديقي الرئيس النشيط بشير الخير علاوة على جلسات مجلس النواب لإقرار الموازنة العامة ناهيك عن طلبات النواب من الوزراء، علاوة على " دكتاتورية " الرئيس على مجلس الوزراء المعطرة بالمحبة والدبلوماسية و دماثة الخلق.
ومن هنا أحببت ان اتحاور مع معالي وزير البيئة على مفهوم جديد قديم يدعى المواطنة الايكولوجية. فكما هو معروف يطلق على البيئة Ecological citizenship او Citizenship Bioecology اوCitizenship Environmental Biological علم البيئة أو ما يطلق عليه بالإنجليزية Ecology أو Bionomics، أو الإِيكولوجيا الأحيائيّة Bioecology، أو علم الأحياء البيئي Environmental Biology وهو أحد فروع البيولوجيا أو علم الأحياء. هذا العلم بمختلف مسمياته يدرس علاقة الكائنات الحية مع بعضها البعض، ومع محيطها أو بيئتها، واهم عنصر في هذه البيئة هو الانسان والذي كرمه الله عز وجل على سائر المخلوقات. بالتالي يجب ان نعي جيداً هذه العلاقة المقدسة بين الانسان والبيئة او البيئة والانسان.
ما يهمني في هذا المجال هو علاقة الانسان مع البيئة. هل من حق أي مواطن كائنا من كان ان يلوث بيئتنا و سهولنا و مزارعنا ومتنزهاتنا ؟ من المسؤول ؟ ؟؟
اين هم مراقبي البيئة في محافظاتنا، في حدائقنا في سهولنا في غاباتنا في احراشنا في شوارعنا. هل عمال الوطن مسؤولون عن النفايات التي ترمي من نوافذ السيارات الفارهة، هل عمال الحدائق مسؤولون عن النفايات التي يرمي بها زوار الحدائق بينما براميل وسلات المهملات على بعد سنتميترات منهم.
هل وزارة البيئة ووزارة الصحة وامانه عمان مسؤوله عن حملة الاراجيل في الحدائق العامة رغم وجود لافتات تمنع دخول الاراجيل؟ من المسؤول..؟ هل وزارة التربية والتعليم..؟ هل الاهل الإباء و الأمهات .. هل التربية المنزلية ؟
أسئلة اضعها امام وزير البيئة والذي بدوره يجب ان يضعها على طاولة مجلس الوزراء لكي يتحمل كل وزير مسؤولياته تجاه المحافظة على البيئة. الوزير مصاره جاب دول العالم من أقصاه الى أقصاه اثناء عمله الدبلوماسي و شاهد البيئات النظيفة و كيف يحافظ المواطنون على نظافة مدنهم و حدائقهم و شوارعهم و متنزهاتهم، و كيف لا ينغص على المتنزهين في الحدائق و الحقول، و كيف تقوم سيدة في قمة الاناقة والجمال، تجر كلبها و تحل كفوفاً و كيساً من البلاستيك المقوى لتزيل مخلفات كلبها في الشارع العام ولتلقي بها في المكان المخصص لمخلفات الكلاب ، بالمقارن في عاصمتنا ما يكاد المرء ان يأخذ أنفاسه في مشوار قصير ليتنفس الصعداء حتي يقع فريسة مخلفات كلب " ابن كلب " !!!.
اين المواطنة البيئية يا معالي الوزير ...!!! و هل لدينا قانون يعاقب من يلوث البيئة علاوة على التلوث الحاصل من وسائل النقل ؟ هل لدينا قانون يعاقب من يرمي بأعقاب سيجارته و هي مشتعلة من نافذ سيارته او اثناء مسيره في الشارع العام ؟ هل من قانون يعاقب من اخذ كلبه في نزهة وترك مخلفاته في الشارع العام ...؟
هل قامت البلديات في المملكة بتنظيم موضوع الاضاحي في الشوارع الرئيسية في المدن والقرى والأرياف، وتلك المناظر المقززة التي تسيء الى مفهوم الاضحية وقدسيتها واجرها وثوابها ...! من المسؤول ...؟؟؟
هل المحافظة على البيئة هي حق من حقوق المواطن، هل سمعتم يا معالي الوزير بإعلان مؤتمر ستوكهولم للعام 1972 والذي يعد أول نص قانوني أشار لمفهوم البيئة في أطار حقوق الإنسان ...!!!
هل لدينا في بلدنا الحبيب الأردن تشريعات تنص على وجوب المحافظة على البيئة وأن على الحكومة ومجلس النواب وضع تشريعات صارمة لحماية البيئة، ووضع التزام تشريعي من اجل المحافظة على ان يكون لدينا تنمية بيئية مستدامة لا تقتصر على الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، بل تقوم على تلازم وتكامل البعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي كوحدة متكاملة كون البيئة هي المحيط المادي و المعنوي الذي تتحقق فيه التنمية الشاملة.
فاذا أردنا بناء اقتصاد منتج صحي معافي مستدام وتنافسي في إطار التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة وتعزير هذه الحماية علينا المحافظة على البيئة كحكومة وافراد وجماعات وان تكون البيئة في مناهجنا الدراسية في المدارس والمعاهد والجامعات والتركيز عليها في وسائل الصحافة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي.
لا بد ان تكون هنالك تشاركية بين الدولة والمواطن ووجود تشريعات ناظمة وضابطه في ضوء ان المملكة الأردنية الهاشمية على مشارف المئوية الثانية من اجل المحافظة على البيئة بكل المعطيات، لندخل عهدا جديدا ببيئة نظيفة سليمة مستدامة، وفي التزام تام بالمحافظة على البيئة من قبل الدولة وكافة المؤسسات العامة والخاصة والمواطنين والمقيمين والضيوف والزائرين. وخاصة ان بلدنا الأردن بلد جاذب للسياحة والاستثمار، فلنحافظ على روافد ايراداتنا. من اجل تحقيق " المواطنة الايكولوجية " من خلال الالتزام بسلوكيات وتصورات جديدة للبيئة من اجل حاضر الأردن و مستقبله الزاهر بإذن الله و برعاية قائد المسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين رعاه الله.