تحت وطأة الارتفاع المتزايد في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، ونسب الفحوصات الإيجابية، تراجعت الحكومة عن تنفيذ المرحلة الجديدة من فتح القطاعات، بما فيها تأجيل عودة طلاب العاشر والحادي عشر اسبوعا.
مدارس خاصة اضطرت بدورها لتعليق التعليم الوجاهي والعودة للتعليم عن بعد إثر تسجيل معدل مرتفع من الإصابات. ومن المثير للقلق هنا، تزايد حالات الإصابة بالسلالة المتحورة في أوساط الأطفال والشباب، مع تسجيل أعراض شديدة.
الأمر قد لا يتوقف عند هذا الحد، فلجنة الأوبئة تعتبر هذا الأسبوع حاسما لجهة النظر بتدابير أكثر تشددا في حال واصلت معدلات الإصابة بالارتفاع. ومن الواضح أن الحكومة تحاول قدر استطاعتها عدم العودة لحظر الجمعة أو زيادة ساعات الحظر الليلي وإغلاق قطاعات كانت قد سمحت بفتحها، لتجنب المزيد من الخسائر الاقتصادية وردة الفعل الغاضبة من أصحاب المصالح الاقتصادية.
الرهان على مزيد من إجراءات التحوط الاجتماعي، ومراقبة مدى الالتزام بالكمامة والتباعد الجسدي وعدم عقد تجمعات اجتماعية. ولهذه الغاية يواصل رجال الأمن ضبط المخالفات في الأسواق، وتفعيل تعليمات مشددة نصت عليها أوامر الدفاع.
لكن ولغاية الآن لم تظهر مؤشرات على أثر مثل هذه التدابير، في ظل الانتشار الواسع للسلالة البريطانية المتحورة، خاصة في العاصمة عمان والمناطق الغربية منها على وجه التحديد.
يذكرنا الوضع الحالي بأوقات سابقة، شهدها الأردن وعموم الدول حول العالم، حيث تنخفض معدلات الإصابة في ظل التدابير المشددة، ثم سرعان ما تعود للارتفاع بعد تخفيف القيود بأيام.
لقد دفع هذا الحال بمعظم الدول إلى العودة لنظام الإغلاقات واسعة النطاق ولأسابيع طويلة كما الحال في دول أوروبا الغربية التي ما تزال تعيش في ظل قيود مشددة رغم حملات التطعيم واسعة النطاق.
وينبغي هنا الإشارة إلى أن تعثر حملة التطعيم ضد”كوفيد 19″ ساهم إلى حد كبير في إبطاء جهود التعافي، والبقاء في مربع الأزمة لفترة أطول.
كان الرهان على تدفق منتظم لشحنات اللقاحات الصيني و”فايزر” وغيرها، بشكل يسمح بتطعيم أعداد أكبر من الفئات المستهدفة في غضون أسابيع، بيد أن ذلك لم يتحقق بسبب شح الكميات المتوفرة، واستحواذ الدول الغنية على نصيب الأسد من اللقاحات المنتجة.
حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس أول من أمس، أعطت 107 دول ومناطق في العالم لسكانها أكثر من 200 مليون جرعة، كان نصيب الدول السبع الغنية منها 45 في المائة.
وفي العموم تم اعطاء 92 في المائة من الجرعات لسكان دول ذات الدخل المرتفع أو المتوسط إلى مرتفع. الولايات المتحدة لوحدها استخدمت نحو 60 مليون جرعة. بينما نالت إسرائيل حصة تفوق حصص دول أوروبية كبرى بالمقارنة مع عدد السكان.
دول العالم تخوض معركة شرسة للحصول على اللقاحات، ويكافح الأردن وسط هذا الصراع لنيل ما يستطيع من الجرعات، إذ لا يكفي أن تجيز الدولة نوعا من اللقاحات لتضمن الحصول عليه على الفور. وفي حالات عديدة تراجعت الدول عن التزاماتها بتوريد شحنات في مواعيد متفق عليه مسبقا بسبب شح الإنتاج والطلب الفائق عليه.
إن عدم توفر اللقاحات بكميات كافية، يعني ضربة لجهود التعافي، وقد نحتاج بالفعل إلى أشهر طويلة قبل أن نتمكن من تحقيق المناعة المجتمعية بما يضمن العودة للحياة الطبيعية.
الحكومة تواجه خيارات صعبة ومحدودة فليس أمامها سوى التدابير الصحية المشددة، وفرض المزيد من القيود أحيانا لمنع تفشي الوباء على نطاق واسع.
(الغد)