المسؤولية الإجتماعية مفهوم جذب انتباه العالم واكتسب صدى واسع في الإقتصاد العالمي، خاصة مع ظهور العولمة والتطور السريع في التكنولوجيا الأمر الذي أدى إلى ظهور بيئة أعمال جديدة واستراتيجيات للإستخدام الأمثل للموارد، مع الأخذ في الإعتبار المسؤولية الإجتماعية وأخلاقيات الأعمال.

في الواقع جاء هذا التطور من قبل الشركات بمختلف أحجامها (كبيرة، متوسطة وصغيرة) ضمن استراتيجياتها حتى أصبح عنصرًا هامًا لتعزيز سمعتها الأخلاقية في المجتمع والأخذ في الإعتبار المستثمرين والعاملين والمستلكين والمجتمع المحلي والبيئة وبطبيعة الحال حملة الأسهم والحكومة. (يُطلق على هذه المجموعة في الفقه الإداري بأصحاب العلاقة).

بطبيعة الحال إذا أرادت الشركات إظهار أنها شريك موثوق في الأعمال أن تأخذ في الإعتبار هذه العناصر ضمن رسالتها ولكن ليس كشعار وإنما كفعل وآداء بحيث يشعر به كافة المعنيين بأعمال الشركة، وأن توازن بين تحقيق الأرباح والتصرف بمسؤولية لتعزيز سمعتها الأخلاقية في المجتمع من خلال إتباع القيم والمعتقدات السائدة.

معنى ذلك إضافة إلى تحقيق الشركات للأرباح "والتي هي مجرد وسيلة لتحقيق غاية - وليست غاية في حد ذاتها- " وإنما تسعى لتطوير أعمالها حسب التطور التكنولوجي والتوسع الجغرافي.

لذلك، الشركات مسؤولة عن تأثيرات قراراتها وأنشطتها على المجتع والبيئة من خلال سلوك أخلاقي وشفافية عالية وتوظيف العاطلين عن العمل في المنطقة التي توجد فيها الشركة حسب إمكانياتها والمواصفات المطلوبة لشغل الوظائف فيها، إضافة إلى ذلك توفير التدريب حسب سوق العمل لفئات الشباب الباحثين عن العمل.

هذا السلوك من قبل الشركات يؤدي إلى تعظيم سمعتها واتجاهات المجتمع نحوها والتي من مظاهرها تعزيز المكانة التنافسية لها وزيادة المشتريات من قبل المستهلكين والمستفيدين منها مما يؤدي إلى تعظيم الربحية وبناء صورة إيجابية لها في المجتمع.

وقد يقول البعض أن الدولة هي المسؤولة عن تحسين ظروف المعيشة للسكان وهي الأولى في توظيف خريجي الجامعات والكليات والمعاهد وتقديم كافة الخدمات الصحية والتعليمية والإجتماعية و..إلخ، ولكن بعد ظهور العولمة عملت الحكومات السابقة على خصخصة معظم شركات الدولة وبهذا الإجراء انتقلت الدولة من مبدأ مفهوم الرعاية إلى إقتصاد السوق، وتطور القطاع الخاص على حساب القطاع العام ولم تعد الدولة قادرة على توفير احتياجات المجتمع التي تجاوزت قدرات الحكومة على الوفاء بها.

في هذا السياق زاد التركيز على دور قطاع الأعمال وظهر ما يُسمى بمصطلح الشراكة - شراكة القطاع العام مع القطاع الخاص - ، ومن هنا أصبح على قطاع الأعمال أن يتبنى المسؤولية الإجتماعية والمساهمة في تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية والمحافظة على البيئة.

وبالرغم من جائحة كورونا Covid-19 التي أثرت بشكل كبير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأردن والعالم والتي امتدت إلى القطاعين العام والخاص الأمر الذي تطلب تعزيز مبدأ الشراكة في المحافظة على العاملين والحد من البطالة والظواهر الاجتماعية السلبية.

وحيث أن التحديات كبيرة، وفي ظل التطور الهائل في وسائل التواصل الإجتماعي على الشركات أن تتنبه إلى إعادة تشكيل مستقبل العمل والإعداد لسيناريوهات مستقبلية في إظهار جوهر قيم أخلاقية عالية والتكيف مع موجة التغييرات القادمة للمحافظة على العاملين والعملاء فإن هذه الممارسات تُكسبها احترام المجتمع وزيادة أعداد المساهمين والمستثمرين.