بداية لنتفق أن الاقتصاد والصحة توأمان لا يمكن الفصل أو المفاضلة بينهما، فكلاهما متطلب إجباري في توفير سبل العيش الآمن ومن الخطأ الادعاء بأن قطاعا يطغى أو أهم من الآخر، فلا صحة بدون تعاف اقتصادي ولا اقتصاد بدون صحة، وأي خلل في القطاعين بالضرورة سيخلف آفات اجتماعية وأمراض يتعذر معها إحداث أي نقلة من شأنها الارتقاء بمستوى معيشة المواطن والمحافظة على صحته.
السلطة التنفيذية ترصد بدقة عديد الإصابات اليومية بفايروس كورونا التي بات أغلبها وبخاصة في العاصمة عمان من النوع المتحور سريع الانتشار، ولا يجوز تحت أي ظرف إغفال هذه الحقيقة لا سيما وأن المنحنى الوبائي يسجل زيادة في عدد الإصابات اليومية، ما يدعو والحال هذا إلى التحوط والنظر إلى واقع الحال بشيء من التخوف الممزوج بالحذر، والتأكيد على ضرورة الالتزام بوسائل الوقاية التي تعد خط الدفاع الأول في الوقاية من هذا الوباء.
وبحسب المختصين في علم الأوبئة، فإن الفايروس المتحور قد شق طريقه إلى الأطفال وسُجلت إصابات بينهم مرشحة للزيادة، ما يدعو إلى دق ناقوس الخطر من جانب وزارة التربية والتعليم، وإعادة النظر في قرارها القاضي باستمرار التعليم الوجاهي بين طلبة رياض الأطفال والصفوف الأساسية الثلاثة الأولى، حتى لا تضطر الوزارة بعد فترة رغما عنها التراجع عن قرارها، وأن يقتصر انتظام الدوام الوجاهي على طلبة الثانوية العامة ضمن البرتوكول الصحي المتعارف عليه، حتى تصب الوزارة جل اهتمامها على طلبة التوجيهي الذين يتحدد مستقبلهم الأكاديمي في هذا العام.
ولعل البلاغ الذي أصدره رئيس الوزراء اليوم بتمديد العمل بالتعليم عن بعد في الجامعات حتى نهاية العام الدراسي، وتفويض وزير التربية ومجلس التعليم العالي باستمرار العمل في البلاغ أو تعديله في ضوء الوضع الوبائي، يترجم حجم ومدى الاهتمام الحكومي الكبير ومسؤوليتها المباشرة في المحافظة على صحة شبابنا، الذين يشكلون نحو 70% من مجتمعنا الفتي، حتى لا يتسلل الوباء إلى هذه الصروح العلمية الحاضنة لعشرات الآلاف من الطلبة وكوادرها التدريسية والإدارية.
تداعيات الجائحة لا زالت قائمة حتى يومنا هذا، وتفرض على الحكومة شروطها حتى باتت في وضع لا تحسد عليه، وهي مطالبة أن توائم بين الاقتصاد والصحة، في بلد يعاني من محدودية الموارد وفي ظل موازنة عامة هشة، غلب عليها طابع العجز نأمل أن لا يتم علاج جزء منه على حساب جيب وقوت المواطن.