مملكة للانجاز وليس للفصل العنصري
29-04-2010 02:18 PM
موجع حد القهر ان يتجرأ شخص يدعي انه اردني للكتابة في صحيفة "جيروساليم بوست" الاسرائيلية في ظل الاوضاع المأساوية التي تعيشها القضية الفلسطينية وسياسات الاستيطان والتهجير والقتل التي تمارسها سلطات الاحتلال, فكيف اذا ما كتب ذلك "المواطن" مقالا منحطا في ذلك البوق الصهيوني بعنوان"المملكة الهاشمية, مملكة الفصل العنصري".
وهذه ليست وجهة نظر "نختلف معها ونحترمها" بل هي محاولة بائسة للاستقواء بالخارج على المملكة ونظامها السياسي وشعبها من خلال نشر الاكاذيب وافتعال القضايا دون ادنى حد من المصداقية او النزاهة المفترضة في الصحافة عند عرضها للقضايا او حق المواطنة التي يفرضها الوطن على ابنائه.
يبدأ الكاتب "سامر لبدي" الذي تصفه الصحيفة الاسرائيلية بانه "كاتب ومحلل سياسي ومتابع في مركز الحرية في الشرق الاوسط" مقاله بالتأكيد على "تنامي النزعة القبلية المتطرفة المبنية على زيادة التدابير الاستفزازية التي يجري اتخاذها ضد الدول المجاورة الى جانب مواطنين من عرقيات اخرى".
وهنا لا نعرف لماذا يتم الربط بين النزعة القبلية المتطرفة وبين استفزاز دول الجوار والمواطنين من عرقيات مختلفة, وكنا نتمنى لو دلنا الكاتب على دول الجوار التي يستفزها الاردن, الا اذا كان يقصد دولة العدو الاسرائيلي التي يخشى الكاتب على خدش مشاعرها وهي التي تستفز المجتمع الدولي وكل الشرفاء والاحرار في العالم.
ويستمر الكاتب في مسلسل الافتراء على الاردن وابنائه الى حد الاتهام بانه "يستفز مواطنين اردنيين من عرقيات اخرى", فما هي هذه العرقيات المستفزة (بفتح الغاء) وهل صحيح ان النظام الاردني يستفز مواطنيه (الشركس والشيشان والارمن والاكراد...) ?
وتصل الوقاحة المصحوبة بالجهل وقلة المعرفة بصاحبها الى حد توجيه الاتهام لجلالة الملك عبدالله الثاني بالقول ان "الازمة السياسية والاقتصادية بفضل عدم مقدرة الملك او عدم رغبته في بناء نظام ديمقراطي حديث" وفي مكان آخر يقول "يخشى الملك ان يستثمر الاردنيون حالة الاحباط والسخط العام بوضع ضغط زائد على نظامه الهش".
ويعيب الكاتب على الدولة بان "ضعف التنوع العرقي (لاحظوا العرقي ) في المؤسسات الامنية اثار مخاوف ان يفقد الملك شرعيته في الاردن " وكأن شرعية النظام الهاشمي في الاردن تفرضه المؤسسات الامنية بالعصي والدبابات, وجاهل من لا يعرف ان الولاء للهاشميين جاء عبر عقد سياسي واجتماعي طوعي فرضته الشرعية الدينية والتاريخية وكرسته شرعية الانجاز الماثلة في بناء دولة المؤسسات الدستورية القوية والراسخة التي تضرب جذورها الى 90 عاما.
ويزداد الافتراء والتباهي عبر صحافة العدو بالحديث عن مزاعم "صراع محتمل مع العشائر زاد من التلاحم الاردني داخل المؤسسة العسكرية والامنية... وهذه السياسة ادت الى توتر عرقي, وتبني سياسة الفصل العنصري التي ظهرت بوضوح على شكل سحب الجنسية الاردنية من 2700 مواطن من اصل فلسطيني... وهذا ادى الى استعداد الاردنيين لاتخاذ تدابير معادية ضد الفلسطينيين والاسرائيليين..".
اما هذه الاخيرة"اجراءات ضد الاسرائيليين" فانها والله فخر للدولة ولكل اردني ردا على السياسات الاسرائيلية العنصرية, اما "معاداة الفلسطينيين" فانها كذبة تدحضها العلاقات الراسخة بين الشعبين والدعم السياسي الاردني غير المحدود للقضية الفلسطينية ونهاية بقوافل المساعدات الاردنية وخدمات المستشفى العسكري الاردني المستمرة منذ اكثر من عام على ارض قطاع غزة .
وللاسف فان الكاتب يحاول الغمز واللمز من سياسة الدولة الاردنية تجاه مواطنيها من اصل فلسطيني واصفا تلك السياسات ب¯ "سياسة الفصل العنصري"التي تؤدي الى "توتر عرقي"
هذه الافكار المريضة الحاقدة المعشعشة في قلة من الرؤوس لا يمكن ان تصدر عن مواطن يعتز بانتمائه للاردن لان المواطنة ليست حالة فردية نفعية, بل تفرض مسؤولية تجاه الجماعة.
وهذا الانحطاط الاخلاقي لا يمكن ان يؤدي الا الى الفتنة المحرمة التي لا تخدم سوى المشاريع الصهيونية وتضر بسمعة الوطن والمواطن.0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net