قراءة في مضامين الرسالة الملكية السامية
فيصل تايه
21-02-2021 01:24 PM
وجه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين يوم الاربعاء الماضي رسالة الى مدير المخابرات العامة اللواء احمد حسني ، اعرب جلالته خلالها عن سابغ تقديره لهذا الجهاز الوطني العتيد ، وفق ما حققه من منجزات ، وسعياً للاستمرار بالعمل بوتيرة أسرع وخطى ثابتة ، وما يستشرفه من توجهات مستقبلية ترقى الى افضل المستويات المهنية والحرص على بلورتها وتفعيلها وفقا لمقتضيات المرحلة ، وتجسيدا للإرادة الراسخة في تحسين الاداء والرفع من المعنويات بكل همة ومسؤولية ، فجهاز المخابرات العامة تابع وثابر بمصداقية وأمانة على مدار مسيرتة الوطنية الطويلة ، وحقق قدرا كبيرا من الإنجاز والعطاء ، وفق مرتكزات تستند الى الرؤى الملكية السامية وتجسيداً لحرص هذا الجهاز على التجديد والتحديث والتطوير المستمر كي يضل عنوانا للمهنية والانضباط والكفاءة والشفافية والنزاهة .
اننا ونحن نستحضر بكل فخر واعتزاز ، المحطات التي قطعها جهاز المخابرات العامة ، منذ تأسيسه في فجر الاستقلال ، ليكون أول رمز للسيادة الوطنية ، ومسنداً للوطن ، فجهود هذا الجهاز الوطني جعله يحظى بالفخر والرضى والاعتزاز ، لما تجلى به من قيم العطاء والتضحية، التي ميزت أعماله وتداخلاته في كل المجالات والميادين الوطنية والدولية ، فكان نموذجا وطنيا للولاء والعطاء ، مع الحرص الأكيد على تحديث بنائه الداخلي ، فما عهدناه من هذا الجهاز المبادرة دوما لإنفاذ التطلعات الملكية ، فثقة جلالة الملك والأردنيين بهذه المؤسسة العريقة هي ثقة راسخة ، خاصة وان هنالك تقديراً كبيراً لتضحيات هذا الجهاز قيادة وضباطاً وأفراداً ، وجهودهم الكبيرة في أداء واجباتهم تجاه الوطن وامنه القومي.
ان الرسالة الملكية السامية التي تتزامن اليوم مع ما يعيشه العالم والمجتمع الدولي من تحولات سريعة ، أفرزت أشكالاً جديدة من التحديات ، والتي تقتضي استيعاب الظرفية الدولية والإقليمية الدقيقة الراهنة لهذا الواقع في كل أبعاده ، والتي تتسم بتعاظم التحديات والأزمات الدخيلة للحدود ، والتي تتطلب تفعيل مخطط أمني يتوخى تحصين الأمن والاستقرار ، بالمواظبة على العمل الدؤوب والانضباط لصون أمن الوطن والمواطنين ، والتعامل مع كل المستجدات بكل تبصر وحكمة ، وهو ما يفرض علينا أن نواصل العمل بكامل اليقظة في صون وطننا وحماية هويتنا ، وتحصين كياننا ، مجندين أنفسنا دائما للحفاظ على سيادة وطننا وعلى أمنه ووحدة ترابه ، حيث ان قدرات هذا الجهاز الوطني ، يجب ان ترتكز أساسا على المعنويات العالية التي تمكن من التأقلم السريع مع المتغيرات الميدانية ، فقد سبق وتحمل هذا الجهاز اعباء متعددة ومختلفة أما بسبب غياب المؤسسات المختصة أو عدم قيامها بواجبها بشكل مناسب ، أو بسبب سطوة وقسوة التغييرات الخارجية المتمثلة بالحروب وما ينتج عنها من هجرات قسرية وموجات النزوح ، والإرهاب والجرائم العابرة للحدود والتي تطلبت من الجهاز التدخل والعمل لحماية الأمن الوطني من هذه التحديات ، وقد ان الأوان لتحمل مؤسسات الدولة مسؤولياتها ، مثل هيئة النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد ، وبالإضافة إلى ديوان المحاسبة ، وهيئة الاستثمار ومؤسسات أخرى ايضا ، حيث عليها القيام بواجباتها ووظائفها في الاقتصاد والرقابة والسياسة حتى يتفرغ الجهاز إلى المهمة الأساسية وهي حماية الأمن الوطني .
هذا هو المنهج الملكي الهاشمي الحكيم الذي يتطلع من خلالة جلالة الملك الى ان يكون جهاز المخابرات العامة في طليعة الأجهزة الاستخبارية في المنطقة والعالم ، من حيث قدرتة الأمنية واللوجستية وكفاءة ذلك محليا وعربيا ودوليا ، حيث ومن أجل ذلك حرص جلالة الملك دوما على ضرورة تجسيد التكوين الاستخباراتي والتعمق في تفاصيله والتدريب المستمر على مجالاته وجعله أرضية صلبة لبناء الكفاءات وتعزيز القدرات ، وتأهيل كافة المنسوبين ليواكبوا كل المستجدات التي يتطلبها اتساع نطاق المهمات الموكولة إليهم ، ليبقوا الدرع الواقي والحصن المنيع لوطننا ، معتزين بقيمه العليا التي تأسست عليها مبادئهم وقيمهم وولائهم ، متحلين بمزايا الانضباط والسلوك الحسن والتفاني بإخلاصهم في خدمة الوطن .
ان رسالة جلالته الملك غنية بالعبر والدروس ، فهي خريطة طريق ملهمة تتركز عليها طاقة كافة منسوبي جهاز المخابرات العامة في مجالات اختصاصها المهمة والحيوية للأمن الوطني والعمل الاستخباري المحترف بمفهومه العصري الشامل ، لتظل المخابرات العامة عنوانا شامخاً للكفاءة الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للمخاطر الأمنية ، ومنع وتجفيف منابع التطرف كافة ، لذلك فقد حرص جلالة الملك ومن خلال رسالته السامية على ضرورة العمل المخلص الجاد لتحقيق الرفاه والتنمية والحياة الأفضل للمواطنين ، وترسيخ قيم المواطنة المنتجة والاستحقاق على أساس الكفاءة والقدرة ، وتعزيز مبدأ سيادة القانون على جميع الأفراد والمؤسسات ، وفقاً للمرتكزات العظيمة التي نص عليها دستورنا ، والتحديد الدقيق للاختصاصات التي وضعها للسلطات الدستورية ، التشريعية والتنفيذية والقضائية.
اننا وحين نعيد قراءة الرسالة الملكية السامية بتمعن والتي تحمل في مضامينها الكثير من التوجيهات الحكيمة المتعلقة بصلاحيات وأدوار الدائرة المتشعبة نجد الرغبة الملكية الجامحة التي تدعو الى تسريع إعادة الهيكلة بما يتطلبه المشهد من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والاجتماعية والقضائية والاستثمارية والتشريعية والحكومية ، فقد هدفت بالمجمل للعمل على تحرير الدائرة من العبء الكبير الذي تحملته خلال العقود الماضية كما سبق واشرت ، حين ركزت الرسالة الملكية على ضرورة التأسيس لقاعدة من المسؤولية التي تتركز عن تزويد المؤسسات الدستورية بتقارير استخباراتية ومعلوماتية محترفة وحماية الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب خاصة المؤسسات التي تعنى بشؤون الفساد وإدارة الملفات الداخلية والاستثمارية .
واخيرا فان المرحلة التي نمر بها وفق اراء العديد من المحللين تتطلب احتياجات سياسية ظرفية محددة حيث التركيز على العمل المخابراتي الذي عرفناه في مرحلة ما قبل التحول الديمقراطي نهاية الثمانينيات إضافة الى الاحتراف الأمني في ملفات مكافحة الإرهاب ، وتبقى الرسالة الملكية السامية مهمّة للغاية في هذا التوقيت بالذات ، لأنها تأتي لضرورة العمل الحتمي وفق الرؤى الاستشرافية لجلالة " سيدنا " خاصة بالعمل على ضرورة تحديث القوانين والانظمة والتشريعات ، مع بداية مئوية ثانية تقوم على إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة .
عاش الاردن بلداً عزيزاً غالياً في قلوب الاوفياء وليحفظه الله من كل مكروة ، ليبقى حراً ابياً ، شامخا بقيادته المظفرة وبوطنيته وصدق انتماء ابنائه ، بوجود جيشة الابي واجهزتة الامنية الوطنية الصادقة .