علمني ابي ان انثر الخبز للطيور
لانا ارناؤوط
21-02-2021 11:50 AM
ابي _ رحمه الله _ كان رجلا طيبا وكريما، كريما بالأخلاق وكريما بالمحبة وحتى في خدمة الأخرين لم يكن لعطائه قانون ولا نظرية هو عطاء عفوي صادق حد التفاني فانتظار المقابل ليس كرما وانتظار التعويض ليس كرما بل العطاء دون سبب ودون تمييز.
ابي ذلك الرجل البسيط تعدى عطاؤه للبشر فكان احد واجباته اليومية ان يقطع فتات خبز الى لقيمات صغيرة جدا للطيور والعصافير واصبح هذا العمل طقس مقدس لكل العائلة لم يكن خبز يابسا او قديما بل ما ناكل منه كل يوم. كان يجلس قرابة الساعة ليقطعها اجزاء متساوية فهو يطعمهم بحب وشخف واستمر على ذلك سنين حتى رحل ولا اذكر انه طلب يوما منا نحن اولاده الستة ان نقوم بهذه المهمة وها نحن الان جميعا وبعد غيابه بخمس سنوات نواظب على هذا العمل وكأنه وصية اوصانا بها.
ابي لم يكن مستشارا ثقافيا ولم يحصل على شهادات بالطاقة الحيوية ولا المتجددة ولا بالموارد البشرية ولم يكن عضوا في جمعيات الرفق بالحيوان ولا تابعا لأي مؤسسة من المؤسسات الخيرية في المجتمع لكنه استطاع ان يجعل ستة اشخاص يقومون بعمل لم يطلبه منهم وحتى بعد رحيله بكل التزام.
ان خلق اجيالا من الوعي والادراك والسير على نهج يقوم المجتمع ليس بحاجة الى مؤسسات او قوانين او انظمة بقدر ما هو بحاجة الى قدوة وإنشاء جيل يؤمن حقيقة بالإصلاح.
في المجتمعات المتقدمة يكون التركيز على الاطفال بطريقة كبيرة جدا في كل نواحي الحياة صحيا واكاديميا واجتماعيا لانهم يؤمنون ان زرع الاخلاق في الاطفال هو نهج حياتهم وبالتالي هو نهج المجتمع في المستقبل. فالطفل الصادق والأمين هو الطالب والموظف والمدير والنائب والوزير ونقيص على ذلك كل المعطيات.
انا اعتقد ان محاربة الفساد تبدأ من الطفولة حتى تصبح دافع اخلاقي شخصي وليس قانونا يبحث المواطن فيه عن منفذ له كل حين حتى يخترقه. ولن اطلب منكم ان تعلموا اوالدكم نثر الخبز للطيور بل افعلوها انتم امامهم وستجدونهم يفعلونها بالمستقبل بكل محبة والتزام.