كان الرجل يدّعي « الكرامات «، وكان يجيد التوسع الإعلاميّ، حيث قام بتوظيف عدّة نساء، كلّ واحدة في مدينة، يقتصر عمل الواحدة منهن على بثّ الدعاية بين أهالي المنطقة حول قدرة الرجل على إخراج الشياطين من الأجساد، وإعادة الحبيب، وفكّ الرصد، وتربيط الزوج حتى لا يستطيع الزواج من أخرى، و «تحبيل « النساء بواسطة الحجب والتمائم .. وما إلى ذلك من هرطقات.
لذلك كان من الطبيعي إرسال الصبيّة الرائعة، لا بل الطفلة حمده، التي ركبها الشيطان ليلة زواجها، وصارت تصرخ وتنوح رافضة الدخول إلى (عش) الزوجية من «الختيار» الثري الذي صرفه الأهل لها.
في الحقيقة لم يتح الأهل لحمده فرصة الاعتراض، ولم يعطوها حتى حقّ الموافقة على الزواج .... كلّ ما في الأمر أنهم طلبوها من المدرسة الإعدادية، من السادس الابتدائي تحديدا، وشرعوا في تزيينها وتجهيزها، وقالوا لها:
- عرسك بعد 3 أيام !!
ولم يفهم الأهل سبب صراخ حمدة ليلة الدخلة، واتفقوا على أنّ شيطاناً لعيناً قد سكن جسدها، ومنعها من القيام بواجباتها الزوجية، ولم يعرفوا طريقة لشفاء ابنتهم -التي قبضوا ثمنها -سوى إرسالها إلى المشعوذ، لاستخراج الشياطين وطردها.
الأهل دخلوا مع حمدة إلى بيت المشعوذ الذي طلب منهم تثبيتها ومنعها من الهروب، مهما صرخت وشكت وبكت، وشرع يضربها بأصناف متعددة من الخيزرانات، وهو يصرخ بوحشيّة لا تقلّ عن وحشية الضرب الذي يمارسه على جسد حمدة ويقول:
- أخرج يا شيطان. آمرك بالخروج. أخرج وإلاّ ...!
واستمر ويضرب ويضرب ويضرب.
كانت حمدة تبكي وتصرخ وتستجدي الأهل أن يتركوها حتى تهرب، لكنّ الأهل كانوا يمسكون بها بشدة، فقد قال لهم المشعوذ أنّ الشيطان هو الذي يتكلم معهم، ليحتال عليهم ويهرب من سياط المشعوذ، ويبقى في جسد البنت.
ماتت الفتاة من شدة الضرب، وعندما حاولوا لوم المشعوذ على موتها قال لهم :
- هلا هلا !! ... أنا مسؤول عن طرد الجنّ، وقد طردته من جسدها، حيث اضطرّ للخروج مخذولاً، في النهاية، لكنّي لست مسؤولاً عن الحياة والموت، فهذه الأمور بيد الله، وليست بيدي.
من كتابي الصادر حديثا «البالون رقم10»)
الدستور