تحديات ما بعد الأزمة العالمية
د. فهد الفانك
29-04-2010 05:05 AM
ربما يذكر القارئ أنني رددت على مدى العام الماضي أن الأردن استفاد من الأزمة المالية والاقتصادية العالمية ، وحسبت بالرقم الفوائد الكبيرة التي جناها الأردن ، وفي المقدمة انخفاض كلفة البترول المستورد وفواتير القمح والمواد الغذائية والأعلاف ، مما وفر على الأردن أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات ، في حين كان آخرون يحسبون الخسائر والسلبيات الصغيرة.
هذا الموقف كان يقابل بالاستغراب من قبل البعض ، مع أن هذه ليست المرة الأولى التي يستفيد فيها الأردن اقتصادياً من الأزمات العالمية والإقليمية ، ذلك أن إدارة الأزمات فن أتقنه الأردن تطبيقاً لما يقال من أن أحد معاني كلمة أزمة في اللغة الصينية هو الفرصة.
إذا صح أن الأزمة العالمية وفرت للأردن منافع ملموسة تفوق كثيراً الأضرار المحدودة في مجالات السياحة والحوالات والمنح الخارجية ، فإن عودة الانتعاش إلى الاقتصاد العالمي ، والخروج التدريجي من مناخ الأزمة العالمية ، سيؤدي إلى إلحاق أضرار اقتصادية ، وطرح تحديات أمام الأردن ، فهل حدث هذا؟.
الجواب نعم ، فقد ارتفعت كلفة البترول المستورد خلال الشهرين الأولين من هذه السنة بنسبة 47% عما كانت عليه قبل سنة ، وعاد العجز في الميزان التجاري إلى الارتفاع بعد التحسن الملموس في سنة الأزمة ، وبدأ التضخم بالارتفاع بدلاً من الهبوط إلى مستوى الصفر في عهد الأزمة ، وانخفض الطلب على الفوسفات والبوتاس والأسمدة وهبطت أسعارها ، وهي أهم صادرات الأردن.
الأزمة العالمية وفرت لنا مزايا عديدة ، بعضها تلقائي ، وبعضها الآخر نتيجة حسن إدارة الاقتصاد الوطني. لكن غياب الأزمة سيذهب بتلك المزايا ، ويواجهنا بتحديات متعددة تتطلب مجموعة من السياسات الجديدة لمواجهة الظروف المختلفة.
الظروف الجديدة تستدعي تركيز الاهتمام على عجز الميزان التجاري والحساب الجاري لميزان المدفوعات ، وارتفاع المديونية نتيجة لعجز الموازنة ، واحتمالات ارتفاع معدل التضخم ، وبالتالي القيام بمراجعة شاملة للسياسات المالية والنقدية ، فالمستقبل ليس امتداداً للماضي أو تكراراً له. ويبقى النمو الاقتصادي على رأس أولويات الحكومة التي تقود الأردن في مرحلة الانتعاش الاقتصادي.
الراي