وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند
كلمة "خائن" او عميل كثيراً ما تتردد على ألسنة البعض من عربنا لا يراعون في ذلك إلاًّ ولا ذمة. عادة باتت ممجوجة تسيء اكثر مما تنتقد.
الاختلاف في الرأي لا يستدعي ان نلصق صفة "الخيانة" بمن نختلف معه.
في هذه الايام تتناول بعض الاقلام شخص الرئيس الفلسطيني محمود عباس على نحو غير لائق تتهمه بالتنازل عن الثوابت الفلسطينية.
وهذا غير صحيح ينفيه الرجل بشدة وهو الذي قال أكثر من مرة لن أنهي حياتي بأن أخون وطني.
محمود عباس مناضل واكب منظمة فتح من نشأتها. وكشأن القادة قد يصيب هنا ويخطيء هناك. هو ليس "قديساً" لا يخطيء. وهذا -مع الاسف- مالا يدركه المتحاملون عليه.
حين شارك في اتفاقية اوسلو لم يكن يعلم ان اسرائيل ستلتف على قراري 242 و338 الدوليين اللذين ورد التمسك بهما ضمن نصوص الاتفاقية. ثمة ثغرات فيها، هذا صحيح، لكن ذلك لا يبرر اتهام الرجل بالتفريط.
محمود عباس الذي رفض باصرار صفقة القرن والتي أسماها بصفقة العار لا يمكن ان نعتبره كما يحلو للبعض ان يستخدموا هذا الوصف القبيح دون قراءة ماضيه.
أما عودته للاتفاق الامني مع اسرائيل فهو فعل ذلك على كره منه ليحصل على اموال السلطة التي تحتجزها اسرائيل، وليس كما يشاع ليجرد المقاومة "حماس" و"الجهاد الاسلامي" من السلاح. محمود عباس يحمل على عاتقه مسؤولية شعب يرى نفسه اليوم وحيداً في الميدان.
الدعم من الاشقاء لم يعد كالسابق.
للحاملين على الرجل أقول لا تظلموه، الرجل حمل أمانة لن يخونها.
الرجل اقسم ألا يعقّ "القضية" والدليل رفضه القاطع لصفقة القرن.
ماضي الرجل نضيف "براجماتيته" ليست تنازلاً كما يعتقد بعض منتقديه. هي قراءة عقلانية لقضية طال عليها الامد.
كم من مرة ناشد القادة العرب ان يستخدموا مواقفهم السياسية وأموالهم في نصرة القضية الفلسطينية.
متفائلاً كان، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.
أن تصيب هنا، وتخطئ هناك لا يعني "التخاذل" و"العقوق". ليس عاقاً او مُفرطاً من قال "القدس ليست للبيع والمستوطنات المقامة على الارض الفلسطينية غير شرعية.
قلت إلا "الخيانة"، فالرجل مُنزه عنها. استخدامها بحق انسان اقسم الا يُفرط بالقضية المقدسة هو طعن في سلوكياته الوطنية التي لم ولن يساوم عليها.
محمود عباس قامة وطنية. من حق البعض ان ينتقدوا اي موقف له، لكن دون "تخوين".