تتركز جميع استثمارات صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي في السوق المحلية، وهو ما يتعارض مع قواعد ادارة المحافظ الاستثمارية لصناديق التقاعد والتي تقول بضرورة تقليل معامل الارتباط بين دخل المنتسب وعوائد استثمارات الصندوق. فكلما زاد الارتباط بينهما، ارتفعت المخاطر على المنتسبين.
فلو أن صندوقا للتقاعد في أحد الشركات يستثمر اموال منتسبيه (موظفي الشركة) في اسهم الشركة نفسها، فان ذلك يجعل الموظفين أكثر تعرضا لمخاطر الشركة، لان تعثر الشركة أو تعرضها للافلاس سوف يعني ان يخسر المنتسبون رواتبهم وتقاعداتهم في آن معا.
المثال ذاته يمكن اسقاطه على صندوق استثمار اموال الضمان الاجتماعي. فماذا لو تعرض الأردن إلى أزمة اقتصادية عميقة تسببت بفقدان عدد كبير من منتسبي الضمان لوظائفهم وانعكست سلبا على القيمة السوقية لاستثمارات الضمان؟ عندها لن يخسر المنتسبون رواتبهم فحسب، بل سوف تمتد خسائرهم لتطال مستحقاتهم على الصندوق، والسبب هو الارتباط الكبير (شبه الكامل) بين اداء الاقتصاد المحلي واداء محفظة الصندوق.
ما حصل خلال الازمة الاخيرة التي نشأت عن جائحة كورونا جاء ليضرب لنا مثالا على هذا الارتباط غير المحمود وليذكرنا بضرورة ان يتوسع الصندوق في استثماراته نحو الخارج. فخسارة الصندوق في سوق عمان المالي تزامنت مع حاجته لتعويض اولئك الذين فقدوا وظائفهم او جزءا من رواتبهم من جراء الجائحة.
هذا التركز في الاستثمارات داخل المملكة يتعارض مع مبدأ اخر في الاستثمار هو تنويع المخاطر. فادبيات المال والاستثمار تجمع على ضرورة توزيع المحفظة الاستثمارية على دول وقطاعات متعددة عملا بمبدأ توزيع البيضات على عدد من السلال بدلا من وضعها كلها وربط مصيرها في سلة واحدة.
وانظروا إلى العوائد التي خسرها الصندوق خلال العامين الماضيين من جراء عدم استثماره في سوق الاسهم الأميركية. فلو ان الصندوق خصص مبلغ مليار دينار فقط ( اي اقل من ١٠٪ من اجمالي الموجودات) للاستثمار في السوق الامريكية لحقق ايرادا بحوالي ٣٥٠ مليون دينارا خلال العامين ٢٠١٩ و ٢٠٢٠ (بافتراض استثمار كامل المبلغ بمؤشر الداو جونز).
لربما أن العائق الأكبر أمام الاستثمار في الخارج هو الخوف من انطباعات العامة فهم يخشون الاستثمار لاسباب تتعلق بارتباط مفردة الاستثمار بالفساد، لكن ادارة استثمارات الصندوق يجب أن لا تنقاد وراء انطباعات الناس ومخاوفهم، بل يجب أن تدار وفقا للاسس الاستثمارية السليمة وبدرجة كبيرة من المكاشفة والشفافية.
على الصندوق ان يتحرك فورا باتجاه ازالة العوائق التي تحول دون قدرته على الاستثمار في الخارج. فمن الضروري ان يخفض الصندوق من انكشافه على الاقتصاد الأردني وان يوزع نسبة أكبر من الاصول لديه في الاسواق الخارجية، لان هذا سوف ينعكس بشكل ايجابي على ثروات المنتسبين.