أمريكا لا زالت أسيرة الماضي ..
د. سمير حمدان
16-02-2021 10:58 AM
بعد سنوات من البلطجة السياسية والاقتصادية الأمريكية ضد معظم دول العالم ومن ضمنها حلفائها في أوروبا وتركيا عضوة الناتو، بقيت الصين وروسيا على رأس القائمة كأعداء.
كلنا يتذكر جنون الرئيس السابق ترمب عند وصول فيروس كورونا لبلاده حيث سارع لتسميته بالفيروس الصيني وسارع للانسحاب من منظمة الصحة العالمية بحجة أن الصين تسيطر عليها. وهكذا أظهرت جائحة كورونا نزق القيادة الأمريكية وجعلتها تتخبط في كل الاجراءات وكان أكثرها ضرراً للشعب الأمريكي عدم أخذ خطورة الفيروس بعين الاعتبار، حيث تسارع عدد الضحايا والمصابين وأصبحت الدولة الأولى في العالم في عدد الوفيات والإصابات. وفي هكذا ظروف تلحق الأذى بالبشرية جمعاء، كان من المتوقع أن تضع أمريكا يدها في يد الصين وروسيا وبقية دول العالم لابتكار أنجع الحلول لمقاومة الجائحة والتشارك العلمي في توفير بيئة مناسبة لانتاج لقاحات مضادة للفيروس.
ومع مجيء الإدارة الجديدة بقيادة بايدن كان من المتوقع أن تعيد النظر في كل السياسات التي ألحقت الضرر بالعالم ومن ضمنه أمريكا نفسها. لكن العقل الباطن الأمريكي أعاد للواجهة تصريحات عنصرية وفوقية. القيادة الأمريكية الجديدة تتوعد بمعاقبة الصين وكأن الصين صبي يعمل أجيراً في أحد مصانعها.
تنسى أو تتناسى أمريكا أن الصين أمة عظيمة لها من التقاليد والتاريخ والجذور ما يفوق ما لدى أمريكا بألاف السنين. الصين دولة تستند إلى تاريخ ضارب الجذور، وأثبتت التجربة على مدار المائة عام المنصرمة أن الصين عملاق خرج من قمقمة وأنجزت في مجال العلوم والاقتصاد وفي كثير من النواحي أكثر مما أنجزته أمريكا.
لقد رسخت الصين ثقافة الأمن والسلام والازدهار لكل شعوب العالم. وكانت السياسة الصينية القائمة على رابح رابح مفتاح علاقاتها مع دول العالم. وكانت فكرة إحياء طريق الحرير التي رصدت لها الصين المليارات أكثر المبادرات جرأة على المستوى العالمي. ومع الوقت انضمت عشرات الدول للمبادرة وأصبحت أمراً واقعا لا فرار منه. وربما يكون النجاح الصيني هو ما أرعب القيادة الأمريكية التي بنت وتبني نجاحاتها على الحروب واستغلال الشعوب والدول الفقيرة. في الوقت الذي لم يخرج جندي صيني خارج بلاده الا للمساهمة في مهمات قوات حفظ السلام العالمية، فإن القوات الأمريكية تعيث فساداً في أمكنة كثيرة في العالم.
بات في حكم المؤكد أن العالم مل الوقوف على ساق واحدة. ولم يعد مقبولاً ضرب القانون الدولي بعرض الحائط والاحتكام لسياسة الغطرسة والقوة ولعب دور الشرطي الأمر الناهي للسيطرة على القرار العالمي. أمريكا لا تريد الإقرار طواعية بأن العالم قد تغير ولا تريد أن تتعلم من تجاربها الفاشلة في أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفغانستان.
ستشهد الأيام القادمة نهوضا صينيا وروسيا غير مسبوق. وعلى أمريكا أن تتواضع وتضع يدها في أيديهما لتحقيق الأمن والرفاه والاستقرار لكل دول الكوكب. وبعكس ذلك ستجد أمريكا نفسها ثور يناطح بقرون من خشب.