ليس الهدف هنا سرد التاريخ حول السياسات الاقتصادية التى مارستها الدول الكبرى في القرن الثامن عشر والتاسع عشر أتجاه الصين وأدت الى بسط سيطرتها عليها ، لقد كانت حرب الافيون وصمة تاريخية في سجلات إمبراطورية الصين استسلامها وخضوع واحتلال البلاد.
نتعرض في هذه الايام لسياسة متطورة تمارسها القوى الخفية في عالمنا معتمدة فلسفة حرب الافيون الجديدة .
فما هو أفيون العصر الحديث ؟!
قد تكون هناك وجهات نظر مختلفة حول ما نتعرض له من ساسيات للسيطرة على المجتمعات واخضاعها بكل الوسائل المتاحة ، لكن هناك ما نتفق عليه جميعا حول الغزو الثقافي بعنوان افيون التكنولوجيا السلبية ، لقد ادمن الناس أستهلاك وسائل التواصل الاجتماعي بكل اشكالها . فمن الطبيعي ان يكون هناك رغبة حقيقية لدى الانسان للاستكشاف والتعرف على كل ما هو جديد او ممنوع عنه او يصعب الحصول عليه ، وتأتي هنا القوى الخفية لنشر محتواها المسموم من معلومات ومحتوى يدمن عليه الناس و مضمونة الاستهلاك لكل ما هو سخيف وفارغ ،اصبح سمة شعوبنا .
وتظهر خصائص الاستخفاف بالعقول والسطحية في التفكير والانشغال بكل ما يتعلق بمتعة الحياة بلا انتاجية .
هنا ضاعت هويتنا الوطنية وتشوهت الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، اصبح هناك اجيال جديدة تدمن عيد الحب ولا تدرك معناه وتمارس الفلسفة السفسطائية بلا مرجعية ولا معرفة مستندة على علم ، تاهت اللغة العربية من أصحابها وتخلى عنها اكثر الناس .
في فضاءات الحياة اصبح هناك اكثر مما هو واقع ملموس فظهر الواقع الافتراضي ، نستخدم التنكولوجيا بطريقة جعلت الادمان عليها ما يميزنا .
تماما كما حصل مع شعب الصين حيث باعوا كل ما لديهم ليحصلوا على الافيون عندما ادمنوا عليه . يبيع الناس ويهدرون مواردهم ودخلهم على الاجهزة الحديثة والهواتف الذكية وحزم الإنترنت اللا محدودة وبالنهاية لا منتج يعود عليهم بل هي أرباح تحققها إمبراطورية المال والاعمال التجارية لتزيد من ثروات الأغنياء و تزيد فقر الفقراء.
ليس هناك من يتحمل مسؤولية هذا الوضع فالكل مسؤول عن ما يحدث الان، أصحاب القرار في كل القطاعات ، ليس فيسبوك او توتير او باقي الوسائل وأصحاب المصالح من أجبرونا على الإدمان ، هم فقط زرعوا في كل بيت بذرة أفيون ونحن من ساعد على إكثارها وتداولها، حربنا اليوم مع انفسنا اولاً لأننا اذا اردنا الاقلاع عن تعاطي المخدرات الرقمية وإيقاف الادمان يجب ان نمتلك الارادة الذاتية ثم المجتمعية.
وكما نعرف ان لكل حرب ابطالها ووراء كل تجارة محرمه عرابها ، فمن الواجب ان نتعرف عليهم ونكتشف وجودهم ونقاوم تاثيرهم، ابطال الديجيتال هم من يخدع الجميع بأساليب مغلفة بالإنسانية أحيانا والوطنية أحيانًا أخرى، ليتصدروا أعلى المناصب ويتحكمون بالقرارات ويحققوا أهدافهم في إخضاع الشعوب وتدميرها اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيا.
حمى الله الأردن ومليكه وولي عهده وعاش الشباب.