الإصلاح السياسي .. هل يحدث فعلا؟
د. عدنان سعد الزعبي
15-02-2021 10:28 PM
تعلم الحكومة وبالذات وزير التنمية السياسية ان مفهوم الإصلاح ومشروع الإصلاح السياسي نظرة ملكية جاءت مبكرا وطرح اكثر من مشروع تجاهها وتكللت بالاوراق النقاشية التي رسمت فلسفة ومبادئ العملية الاصلاحية، واعطت الضوء الأخضر للسير بها ليس فقط في المجال السياسي بل والقطاعات الوطنية الأخرى. حيث ركزت على الجانب الإصلاحي السياسيي باعتباره ركيزة الإصلاح العام، مؤكدة على ضرورة النهوض والارتقاء بتشريعات الاعلام والأحزاب والانتخابات البرلمانية والبلدية واللامركزية لتصبح المنظومة السياسية قائمة على التنافس الحزبي الثلاثي اليمين والوسط واليسار وانعكاساته على البرلمان والبلديات والحكومة التي لا بد وان تتشكل او تمثل الأغلبية في مجلس النواب وفق برامج وسياسات تمضي بها لفترة عمر المجلس.
كذلك الارتقاء بمفهوم ودور الاعلام باعتباره المحرك الأساسي لفعاليات أي مجتمع تثقيفا وتعليما وتربية وتنمية وبناء للتوجهات وتشكيل الراي العام. ليكون الاعلام المراقب العام للحراك المجتمعي بكل فعالياته والمعزز للتوجهات السليمة والمدافع عن الهوية الوطنية التي تنسجم مع الحق والمنطق والصواب.
احساس المواطن بوجوده وثقته بنفسه وملكه للحرية التي يعبر عنها بشتى الوسائل المعقولة والسليمة تمكنه من ابراز طاقاته وابداعاته التي تصب في نهاية المطاف بالمصلحة الوطنية العليا، فالحق والحرية، والمسؤولية والتوازن، عناصر مهمة في بناء المنظومة الوطنية ضمن حلقات متواصلة مع التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية التي يصنعها الاعلام والتربية والتعليم ويطورها النهج والتشريعات والأنظمة التي تضبط نمط المسيرة الوطنية من الفها الى يائها وفق مبدأ العدل والمساواة.
ولكن قبل هذا وذاك، وقبل الشروع بالحديث عن الإصلاح، ومن خلال تجاربنا السابقة، هل لدينا الإرادة الحقيقية لانتاج هذا الإصلاح والسير فيه، خاصة وان مثل هذه المشاريع المطلوبة طرحت سابقا وعلى لسان الملك وبارادة منه؟ وهل لدى حكوماتنا الحالية القدرة والاستعداد لاستيعاب ابعاد هذا التحول وضمان تطبيق مبادئه والالمام بفلسفته وانعكاسه على المجتمع على المدى المتوسط وبعيد المدى؟
جميعنا يستنكر قوانين الانتخاب الاعلام والأحزاب الحالية، وجميعنا يدرك بان مخرجاتها لم ولن تكون عند مستوى الإصلاح او التقدم ولو خطوة واحدة، وان الإصرار عليها يعني تحديدنا لواقع ومستقبل الإصلاحي في الأردن، وان تطوير ذهنية وأفكار الناس لا يمكن ان تسير خطوة تقدمية الا بتغيير نهج الاختيار وطبيعة من يترشح وشروطه، وبنفس الدرجة وجود نوايا حقيقية لانشاء الأحزاب وتجميع المتشابه وفتح الابواب المغلقة التي تصد توجه الناس نحو الأحزاب.!
فاذا علمنا ان 70% من الأردنيين هم من الشباب الذين يمثلون مستقبل الوطن وعماده وعضده يتعاملون مع احدث وسائل التواصل وأدوات النت ويعيشون معظم اوقاتهم في المجتمعات الافتراضية ويتعرضون لتدفقات هائلة من المعلومات، ذات المشارب والثقافات والاهداف المتنوعة، فاننا بامس الحاجة ان نرتقي بمستوى تفكير شبابنا وحملة رايات وطننا المستقبليين، بغرس مفاهيم الحرية والمسؤولية والمشاركة الرئيسية في نظامنا السياسي وتمكينهم من تشكيل التوجهات والأفكار والمبادئ الوطنية ضمن اطار الثقة بالشخوص الوطنية، والمؤسسات الوطنية والتوجهات الوطنية بسياساتها وبرامجها وتشريعاتها لنمكنهم من صناعة المحتوى القادر على التعبير الوطني وصناعة المستقبل الوطني.
وزارة التنمية السياسية والبرلمانية معنية قبل أي وزارة بوضع التصور الحقيقي لتطبيق ما طرحه الملك، ومشاركة المؤسسات الوطنية الأخرى وخاصة الاكاديمية لوضع التصور العلمي الواقعي لتطبيق أي برنامج او مخطط او حتى توجه واخراجه لحيز الوجود. جنبا الى جنب دور مجلس النواب الذي على عاتقه الأساسية تقع مسؤولية التغيير، الا اننا ما زلنا غير متفائلين كثير بدوره في الإصلاح لاسباب لا تخفى على أي مواطن. الا ان الامتحان الأكبر الان يكمن بدور الحكومة وخاصة عندما تبتعد عن سياسات التنظير كونها فشلت بالسابق وافشلت كل الاحلام التي تأملناها كاردنيين نسعى لان نخرج من عنق الزجاجة هذه.
فلا يكفي من الوزارة ولا من وزيرها فقط التصريحات والوعود والدراسات، ولا نقبل الا السير بخطى واثقة صادقة وصحيحة نحو الإصلاح بدأ بقانون الأحزاب ومعه قانون الانتخابات البرلمانية كمرحلة أولى وما يتطلبه الامر من تغييرات دستورية اذا تطلب الامر ومن ثم قوانين البلديات واللامركزية وبشكل متوازي منذ البداية التركيز على الإصلاح الإعلامي وإلغاء تعدد القوانين الإعلامية الجزائية وصياغة قانون تقدمي يتلاءم مع واقع التطور العالمي التقني ، والفكر الإصلاحي ، والهدف الاسمى بمشاركة أوسع للمواطنين . انا مدرك بان وزير التنمية السياسية يدرك تماما ما اطرحه , ولكن هل لدية فعلا الإرادة والتعليمات بالسير الحقيقي نحو الإصلاح , ام سنشهد تمثيلة أخرى ستعيدنا للخلف بأكثر مما نحن عليه , خاصة واننا بامس الحاجة الى التغيير الذي يعزز الامل , ويجعل من نظرة الشباب المتشائمة بصيص من نور.