البرامج الجامعية بين التخطيط وسوق العمل
الدكتور مفضي المومني
15-02-2021 10:23 AM
سؤال يحير الجميع… إلى أين نحن ذاهبون في تعليمنا العالي..ما يقارب 350 ألف طالب على مقاعد الدراسة في الجامعات الوطنية..تم قبول 13362طالب في الجامعات الحكومية على الفصل الثاني في 351 تخصص وتم تجميد القبول في 90 تخصص نتيجة لزيادة الطاقة الإستيعابية فيها حسب هيئة إعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها، إذا نتحدث عن 441 تخصص متاحة في الجامعات، طبعا إذا تم توحيد المسميات للبرامج سيقل الرقم كثيراً.
ولو أخذنا نسبة الطلبة الملتحقين بالتعليم التقني للطلبة الملتحقين بالجامعات فلن يزيد الرقم عن 5% في أحسن الأحوال ويصل 10% لكل الملتحقين في التعلبم الجامعي المتوسط نسبة لعدد الطلبة في الجامعات، وهذا رقم هزيل ويمثل حالة من الإخفاق في سياسات التعليم العالي، ويفصلنا عن 2025 السنة النهائية للإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية ما يقارب الأربع سنوات، فهل توقفنا عند هذا الرقم ؟ وطموحنا في الإستراتيجية يصل 40%.
في سياسات وإستراتيجيات التخطيط للتعليم العالي، وطرح البرامج نحن محكومون بتوجهين ونظريتين، الأولى وجهة نظر التربوي؛ والتي تقول إن التعليم حق للجميع، ولا تربطه بسوق العمل، والنظرة الثانية نظرة الإقتصادي، والتي تربط التعليم بسوق العمل والعرض والطلب، ومن تجارب العالم وحتى في دول الحكم الشمولي أو دول الإقتصاد الرأسمالي لن تجد من يطبق إحدى النظريتين بشكل منفرد، إذ أن الواقع يحتم وجودهما، فلا تجد في ظل التقدم التكنولوجي وإزدياد أعداد الخريجين توظيف وتشغيل لكل الخريجين ولا تجد تعليم متاح للجميع، والحل الأمثل هنا هو جسر الهوة بين النظرتين الإنسانية و الإقتصادية ، للوصول للحد الأدنى من البطالة بين خريجي التعليم العالي، وأعرض بعض الإقتراحات التي يجب أخذها بعين الإعتبار لذلك:
1- تجفيف القبول في التخصصات الراكدة وغير المطلوبة لسوق العمل للحد الأدنى.
2- التشجيع على فتح برامج وتخصصات يطلبها سوق العمل المحلي والأقليمي.
3- إيقاف العشوائية في فتح التخصصات في الجامعات الوطنية من منظور مالي فقط.
4- تطوير الخطط للبرامج المطروحة منذ زمن ولم يتم عليها أي تغيير، ليتم موائمة مخرجاتها مع متطلبات سسوق العمل.
5- الزام الجامعات بعمل دراسات تتبعية من خلال كوادرها او جهات محايدة لخريجيها ومدى إنخراطهم بسوق العمل ضمن تخصصاتهم وجعل ذلك مؤشر لنجاحها.
6- إنشاء قاعدة بيانات وطنية للعرض والطلب في القوى البشرية.
7- تعديل وحوكمة التشريعات لتشجيع الإلتحاق في التعليم التقني.
8- تشجيع الجامعات الوطنية من خلال نظام حوافز لتبني وفتح تخصصات تقنية يطلبها سوق العمل.
9- الإستفادة من التجارب العالمية المتقدمة للدول التي لديها أقل فجوة في نسب العرض والطلب للخريجين.
10- التوجه نحو التعليم العالي النوعي على حساب الكمي من خلال ضوابط وطنية رصينة في مجال الجودة وضمانها.
11- الإتجاه نحو تخصصات حديثة مثل الذكاء الصناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة وغيرها.
12- رفع سوية أعضاء هيئات التدريس من خلال برامج تدريبية وشراكات محلية وعالمية لنقل المعرفة الجديدة للجامعات.
13- تفعيل نظم إدارة المعرفة في الجامعات وهي التي تعطي قيمة مضافة تصل لنسبة 20% وأكثر إذا تم تفعيلها بشكل صحيح.
14- توحيد التشريعات في الجامعات، وبالذات في البحث العلمي والترقيات والرواتب والحوافز.
15- إبعاد الإدارات الضعيفة غير الكفؤة، عن المراكز القيادية في الجامعات، من خلال التقييم والمراقبة وضبط آلية التعيين.
16- تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص وتأطيرها وتحفيزها.
17- التركيز على تجويد التعليم العام لأن مخرجاته هي مدخلات التعليم العالي.
18- تفعيل التعاون والتشارك بين الجامعات الوطنية.
19- تغيير تشكيلة مجلس التعليم العالي الحالية، وإشراك عدد محدد من رؤساء الجامعات فيه، إذ أن وجوود 5 مقاعد تمثل جهات حكومية تمثل نصف عدد أعضاء المجلس ، ليس عادلاً ولا يجب أن يستمر، إذ يجب الوصول لتمثيل حقيقي لجميع القطاعات المؤثرة في التخطيط للتعليم العالي.
هذه بعض الإقتراحات وهنالك غيرها لجسر الفجوة بين العرض والطلب في مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل إذا عرفنا أن سوق العمل العام والخاص لا يشغل أكثر من 10% من الخريجين سنوياً.
وهنالك نقطة هامة نغفلها في خضمّ التخطيط للتعليم العالي الجامعي أو التقني والتطبيقي، هذه الأعداد من الخريجين بحاجة لسوق عمل، هل حجم سوق العمل والإقتصاد يستوعب الخريجين؟ قطعا في وضعنا الحالي لا، نحن بحاجة لسياسات وطنية حكومية تشجع الإستثمار وخلق فرص العمل، متناغمة مع التخطيط للتعليم العالي، وعكس ذلك سنبقى نسير بالإتجاه الخاطئ والعشوائية، ونخرج أفواج من المتخصصين والتقنيين لا يجدون فرصة عمل، هنالك بطالة كبيرة بين الجميع جامعيين أو تقنيين، ولا أصدق الأرقام ذاتها التي أسمعها منذ سنوات لذات نسب تشغيل خريجي التعليم التقني من ذات المسؤولين..! العملية تخطيط وفعل كلي وليس جزئي، واجزم أننا بعيدين عنه، فلم أرى أي إجتماع أو جهد وطني يجمع أطراف المعادلة ليضعوا لنا خطة وطنية متكاملة للتعليم والعمل والإقتصاد… ننتظر من يعلق الجرس… حمى الله الأردن.