هناك حركة حذرة بدأت تبادر اليها الحكومة لتحريك جمود طال أمده بسبب مخاوف وباء كورونا الذي بدأ ينزل درجة في سلم اهتمام الرأي العام والأخبار، ربما لأن الملل أصاب الناس وربما لاشتداد الضائقة وربما أن خيار التعايش هو الذي سيفوز.
لم يعد في داخل الحكومة موقفان هناك موقف واحد هو أن لا عودة الى الوراء ولا مكان لخيار الإغلاق وقد انضم الفريق الصحي الى الرأي القائل بالتعايش الذي يدعمه رئيس الوزراء والوزراء دون استثناء فالاقتصاد لا يحتمل وقد باتت مخاوف أهم وأكثر صعوبة تتصدر المشهد, بطالة وفقر وما يدور حول ذلك كله من مشاكل اجتماعية وسياسية, لا بد من التعايش مع الوباء اليوم وليس غدا. وستكون الكمامة والتباعد هما العلاج وسيألف الناس ذلك كجزء من حياتهم, وقد سجل الأردن التزاما يستحق الإعجاب بهما.
ضمان سلامة الأرواح وسلامة الاقتصاد والحكومة في هذه المرة لا تقف في المنتصف, فقد حسمت خياراتها وهي تستعد لأن تمضي قدما وعلى الأصوات التي ما زالت تتمسك بخيارات الإغلاق والتشدد والحد من حركة الناس أن تمنح فرصة لمزيد من المرونة والتخفيف عن الناس الذين سئموا كل ما سبق وإن كانوا لفترة ما قد التمسوا له العذر لكن ليس بعد لأن الثمن الاقتصادي أكبر بكثير.
لم يعد الأمر يتعلق بتسارع زيادة عدد الإصابات جغرافيا فقد أصبح ذلك إحصائية تتكرر كل طالع شمس بل الهم هو استمرار تسجيل الاقتصاد لخسائر تتضاعف يوما بعد يوم, تمهيدا الى العودة الكاملة للحياة الطبيعية مع الإبقاء على درجة عالية من التشدد في الالتزام الصحي, لتنتهي مصفوفة العمل بأوامر الدفاع.
النزال الطويل مع وباء كورونا لن ينتهي حتى مع اكتشاف لقاح لكن النزال الأطول مع الأثار الإقتصادية يحتاج الى سنوات وأظنه لن ينتهي الا بتغييرات شاملة تتأهب لإنقلاب وتغيير شامل في النهج وأسلوب الإدارة نحو عتبة جديدة كليا..
الأردن على عتبة تهيئة الميدان لمعركة من نوع آخر وهي التي تمس الإقتصاد بشكل أساسي وهي بظني أكثر شراسة من «النزال الطويل» مع كورونا الذي علينا أن نقتنع بان التعايش معه خيار يفرض نفسه إذ لم يعد ممكناً تحمل الإغلاق الكامل، أو شبه الكامل، أو حتى الجزئي، للحياة والاقتصاد والحدود.
التعايش مع كورونا في مقابل درء مخاطر الجوع والبطالة والفقر وهذه جائحات بدأت نذرها, والحركة يجب أن تكون أكثر سرعة وحزماً.
هذا الجمود ليس في مصلحة البلاد والعباد.
qadmaniisam@yahoo.com
الرأي