بقدر ما للتسويق من اهمية في إحياء وتقدم قطاع الزراعه بقدر ما لاقى في الاردن من إهمال. لا يستثنى في المسؤوليه عن ذلك اي من القطاعين الحكومي والخاص ، وإن كان من الطبيعي ان تتحمل الحكومه المسؤوليه الأكبر عن ذلك نظراً لأولوية واجبها في تنمية وتطوير قطاع الزراعه الذي بدأ منذ اول خطة تنموية عام 1962 .

مع اهمال التسويق ودوره في ربط الانتاج بالطلب في الاسواق ظهر عجز في تلبية حاجة السوقين المحلي والتصديري من بعض المنتجات كان يمكن تلافيه مع ما نجم عنه من خسائر ، وظهر الى جانبه فائض في منتجات اخرى تسببت كذلك في خسائر لقطاع الزراعه والاقتصاد الوطني .

غير أن ما يمكن ان تروى كقصة فشل كبير للاداره الحكوميه هي ادارة الحكومه لقطاع التسويق الزراعي . اذ ان جهاز التسويق الزراعي الحكومي ظل يتنقل خلال خمسة وعشرين عاماً 1961-1985 بين إنشاء وإلغاء وتعديل ، وتغيير في ارتباطه الاداري إلى أن استقر عام 1986 في مؤسسة مستقلة للتسويق الزراعي التي لاحقتها هي الاخرى لعنة الالغاء عام 2002 بعد سبعة عشر عاماً من تأسيسها .

التسويق هو مؤشر اساسي لنمو وتقدم قطاع الزراعه . وقطاع الزراعه لا يقاس فقط بنسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي ( 5% بالاسعار الجاريه للفتره 2015-2018 ) ، وانما بارتباطه بالامن الغذائي اولاً ، وبتكامله للخلف مع انتاج مستلزمات الانتاج ، وتكامله للأمام مع الصناعات الغذائيه ، وتوفيره لنحو 30 ألف فرصة عمل دائمه للمزارعين الذين تعتبر الزراعه مصدر دخلهم الوحيد ، و 30 ألف فرصة لغيرهم تمثل الزراعه مصدر دخلهم الرئيسي ، و 15 ألف فرصة لآخرين تمثل الزراعه مصدر دخل اضافي لهم .

مستقبل الزراعه في الاردن يرتبط بتطور وتقدم قطاع التسويق نظرياً وعملياً ، مفهوماً وتطبيقاً . فالتسويق هو من يربط الانتاج بحاجة الاسواق ، ويقرر العائد على الانتاج ، وبدون عائد مناسب لن نجد انتاجاً أو منتجين . وتكاد لا تخلو دراسة او ندوه منذ ان الغيت مؤسسة التسويق الزراعي عام 2002 من دعوة لاحيائها .

يستحق الامر المراجعه واعادة النظر في ضوء اهتمام جلالة المللك الخاص بقطاع الزراعه وتوجيهاته بتوسيع الانتاج الزراعي ، وتطوير الصناعات القائمه على الانتاج الزراعي ، ودعوته لكي يكون الاردن مركزاً لتجارة الغذاء في المنطقه . فهل آن الاوان لكي يلقى قطاع الزراعه الحزمه التحفيزيه التي يستحقها ومن ضمنها احياء مؤسسة التسويق الزراعي ؟