عمون - ينتمي الطفل الرضيع إلى امه وتلتصق شخصيته بشخصيتها ويتأثر سلبا وايجابا بحالتها الصحية في فطرة فطره الله عليها وينمو حبه لها وتعلقه بها ويحن ويشتاق إليها كلما بعدت عنه إلى درجة البكاء والعويل ويكاد لا يتخيل مفارقتها ويصيبه الذهول ان غابت عنه وتشتد عاطفته نحوها كلما نما وكبر فيبادلها الحب والشوق والحنان.
وكذا من ولد على تراب الوطن ونشأ عليه وشرب من مياهه واكل من خيراته وترعرع في احيائه واشتم هواءه وسار في دروبه وعاشر اهله في إلسراء والضراء وتعلم في مدارسه وجامعاته وعمل في مؤسساته ودوائره وامضى ربيع عمره في سهوله وجباله وزرعه ونخله.
فحب الوطن سمة الأوفياء كوفاء الطفل لأمه الذي رضع حليبها فلا يتوانى عن الإخلاص لها والذود عنها وان أصابها مصاب اعتصر قلبه الألم وان دخلت السعادة إلى قلبها انهال سعادة وسرورا.
من يحب وطنه يفتخر بترابه وبسهوله وجباله ومياهه وانهاره وبالطيبين من أبنائه تجده حريصا على مصالحه ونظافته وجماله رافعا راية الإخلاص والوفاء ونقاء السريرة ونظافة اليد واللسان وحريصا على اعلاء شأنه.
المخلص لوطنه لا يغدره ولا يخذل اهله ويتفوه بالحق ولا تأخذه في ذلك لومة لائم ولا يحابي ولا يغش ولا يخدع ولا يسرق ولا يختلس ولا ينافق لانه امام مسؤولية كبرى ومساءلة عظمى.
ومن الغرائب والعجائب ان ترى المنافقين لاصحاب المناصب والذين عرفوا بفسادهم ونخروا عظم الوطن ونهبوه وهدروا ماله وعاثوا فسادا تجدهم يصفقون لهم ويحتفون بهم ويختلقون لهم المناقب والصفات الحسنة وهم منها براء ويصورونهم على أنهم أبطال الوطن وجنوده الأوفياء ويطلقون عليهم وصف القامات الوطنية وهم منها براء.
والحق ان هؤلاء المطبلين والمنافقين أشد خطرا على الوطن من أولئك الفاسقين الفاسدين لان هؤلاء يضفون عليهم ستارا وحاجبا عن حقيقتهم.
النفاق والمنافقون سمة ظاهره وبضاعة رائجه في زمننا الحزين.