عبد الهادي المجالي .. عاش حميداً ومات فقيدا
أحمد الحوراني
12-02-2021 11:51 PM
لم أعرف عبد الهادي المجالي إلا في إطار كونه رجل دولة معتقا خدم الوطن والمليك في مراحل لا يمكننا التقليل من دقتها في تاريخ الدولة، فكان يعبر عن انتمائه بالعمل المخلص والمتقن والتشدّد عبر مواقع مسؤوليته إلا أن يكون عملا لبّى الطموحات وعلى قدر التطلعات.
طواه الموت بهدوء على عكس ما كانت حياته، ملأت الآفاق أصداء واسعة باعتبار ما كان يتحلى به الرجل من كاريزما أحاطت بشخصيته التي أوجدت له في عيون الناس مهابة وكبرياء من نوع خاص، وظلّ أبو سهل محافظا على وتيرته تلك إن في السلك العسكري إبّان قيادته لدفة القوات المسلحة وجهاز الأمن العام أو في أثناء توليه سُدّة رئاسة مجلس النواب أو عبر نافذة عمله في السلطة التنفيذية وزيرا فكان في كل تلك المواقع ينطلق من قاسم مشترك واحد تمثل في رغبته بأن يترك له بصمة وأثرا يستذكره الناس به، ولعمري أنه قد فعل.
احتجب عبدالهادي المجالي عن العيون وهو عارف أنه باق في الذاكرة، فانهمرت الدموع على فراقه صادقة وخرجت من المآقي بحرقة تحمل مشاعر الحزن والأسى من معارف وأصدقاء ومحبين وهم يودعونه إلى مثواه الأخير لا بل منذ لحظة سماع نبأ الرحيل، فاستحضروا شريط الذكريات القريبة والبعيدة واستذكروا طيب أعمال الرجل وحسن سيرته ونقاء سريرته والتقت على محبته أطياف الدولة عامتها وخاصتها فاستحق ان يقال فيه أنه عاش حميدا ومات فقيدا.
الأعلام لا يرحلون وتلك حقيقة جليّة، وأبو سهل أحد أولئك لا لشيء إلا لما حازه من قبول ورضا وتوافق نجم عن إيمانه بأهمية أن يكون له دور في حياته ورسالة وأجزم أنه قد نهض بكل ما أوكلته إليه مسؤولياته رافضا أن يكون على هامش الحياة أو على أطرافها، وإزاء أو بحجم ذلك الدور تكمن القيمة والدلالة من المقاصد التي تترتب على وجود الإنسان على وجه الأرض التي استخلفه الله فيها وعليها لإعمارها.
تلكم الحقيقة إذن، فقد أناخ الموت في ساحة عبد الهادي المجالي وتوسد ثرى الكرك حيث مسقط الرأس، وكم قطع المسافات من الكرك الى عمان جيئة وذهابا ملبيا رعاية ندوة أو ورشة عمل أو قاصدا بيوتا مستورة ومؤديا واجب فرح أو عزاء ترجمة لما هو منوط في عنقه كابن وطن ورجل دولة ارتضى لنفسه ألا يكون إلا في مقدمة الصفوف وطليعة المتقدمين لرد العاديات.
لنا الحزن ولروحك الرحمة، نحن الذين عرفوا كبرياءك وشهامتك ونخوتك وشجاعتك ومروءتك، نم في ترابك وادعا واعلم أن حزن الناس عليك كان كبيرا والألم على رحيلك كان موجعا يا وجه الكرك الباسم ووجه عمان الباسم يا قلبا امتلأ بالجود والكرم فأبيت إلا أن تكون كالغيث أين حللت تركت الخير وافرا.
(الرأي)