هل نحتاج الى برنامج تنموي متكامل ؟
عصام قضماني
27-04-2010 05:35 AM
من الملاحظات التي يمكن تسجيلها على المرحلة الماضية في ملف المنجزات هو إتباع أسلوب ردود الأفعال رغم أن توفر البرامج والخطط لم يبلغ الزخم الذي بلغه في أي مرحلة مضت كما بلغه في تلك المرحلة . واليوم نعود الى المربع الأول وهو غياب البرنامج التنموي المتكامل وضعف التنسيق بين الجهات والمؤسسات العامة والخاصة، فالحكومة من جانبها وجهت نقدا لاذعا للقطاع الخاص بينما يستمر الأخير بالشكوى من العراقيل .
لم نعد نسمع اليوم ببرامج توجيه التنمية إلى المناطق وفقا للميزة النسبية لها , رغم التكاثر السريع للمناطق التنموية والخاصة , التي لا يزال المواطن بعيدا عنها , ولم يتم حتى اللحظة حسم التوجهات الحكومية في مسألتي دمج المؤسسات متشابهة الأهداف لتوحيد الجهود , كما أن قانون تشجيع الاستثمار الذي يفرز المناطق بين ألف وباء وجيم ويوزع عليها الامتيازات والاعفاءات معطل تحت طائلة تعديل لم يتم بعد .
يعزو كثير من المختصين ذلك إلى غياب جهاز إقتصادي يقوم بمهمة الدراسات والأبحاث أو التفكير وتقديم المقترحات والحلول لأفضل البرامج والسياسات التنموية لمصلحة الاقتصاد في الداخل والخارج فالحكومة مهما أوتيت من قدرة لن تكون قادرة وحدها على التصدي لتحدي التنمية .
وعلى الجانب الأخر هناك مجلس إقتصادي إجتماعي يضم خزانا من الأفكار تتدفق من أعضاء يتمتعون بخبرات عملية وعلمية , لكن دوره المحدد بالمشورة لا يزال يجعل من مبادراته ومقترحاته مجرد دراسات , لا تغادر أدراجه أو إعلانات مقتضبة على صفحات الصحف وإن فعلت ووجدت أذانا صاغية يؤخذ بها كاستشارة ليست ملزمة .
التنمية في المرحلة السابقة سعت الى التركيز على تنمية المدن والقرى والريف والبادية والمخيمات عبر برامج أخذت كل الوقت تخطيطا ودراسة , في الوقت الذي كانت فيه العاصمة والمدن الرئيسية تستحوذ على نصيب الأسد من الانفاق والمشاريع والتنمية فما الذي حدث ؟.
إن غياب المتابعة والتقييم، هو ما فرغ البرامج من مضمونها , فلو أن هذه البرامج ربطت بجداول زمنية وأليات للقياس , لأمكن إكتشاف الخلل وتصويبه .
إن استئثار بعض المناطق بفرص تنموية وتأخرها في مناطق ربما تتمتع بفرص أكبر من النجاح هو ما خلق فجوة التنمية وأفرز عنوانا بات الحديث فيه أكثر من الحديث عن التنمية كفعل « المناطق الاقل حظا « ,
الفرص التنموية والإمكانات التي وجهت بكثافة الى مناطق دون أخرى جعلتها الأكثر جذبا للسكان بينما أصبحت غيرها مناطق طاردة , تتركز فيها مشكلات اجتماعية وبيئية وبطالة وفقر ونقص في الخدمات .
هل نحتاج لأن تنتقل العملية التنموية والتخطيط للمستقبل من دور يقتصر على الحكومة و الفردية والآراء الشخصية وردود الفعل ,وهي نقاط الضعف التي وصفت فيها الحكومة أليات عمل القطاع الخاص ، الى التخطيط والعمل الوطني المستند الى الرؤية الاستراتيجية والمؤسسية.
الرؤية الوطنية للخروج بالاقتصاد من أزمته تحتاج الى تمثيل جميع المدارس والشرائح الاقتصادية في شراكة تحمل مسؤولية العمل كما تتحمل مسؤولية النتائج بثقة وإيمان بإمكانات المملكة التنموية وأهدافها المرسومة بوضوح .
qadmaniisam@yahoo.com
الراي