قصة "ATV" قصة غريبة ، فمن بداية تأسيسها حتى هذه اللحظة ، وكأن لعنة حلت على القناة ، التي امضت سنينها الاولى ، دون ان تبث ، وتعرضت الى وأد مبكر.
الحكومات تقول ان لا علاقة لها بمشاكل القناة ، لان هذه قناة خاصة ، والموظفون يتم فصلهم ، ويتلقون "مخالصات عمالية" وفقا لمعلومات ، وكلما قلنا ان البث سيبدأ ، خرج لغم طائر ، من هنا او هناك ، فيعرقل كل الخطط للبث. تارة تقرر الحكومة شراء القناة. تارة تتراجع وتقول ان الكلفة تصل الى ستين مليونا. تارة اخرى ، يتم اخراج فواتير قديمة من الادراج ومطالبة القناة بالدفع. في حالات يقال لا بث فضائيا ، وسيتم الاكتفاء بالارضي ، وهكذا تتقلب التفاصيل ، والمشترك الوحيد ان القناة لا تبث.
كلفة قناة فضائية قوية ، عادية جدا ، ومحتملة. لماذا نفترض ان قناة خاصة قوية ستؤدي الى "شقيقة" في الرأس الحكومي ، وصداع مُزمن. لماذا نفترض مُسبقا ان قناة خاصة قوية ستغير مفاهيم الناس ، وستحجب عشاق التلفزيون الاردني عن شاشتهم. اساسا نحن نتحدث عن قراء ومشاهدين ، بالغين عاقلين ، يتلقون جرعتهم الاعلامية عبر الاعلام العربي ، والاجنبي ، متلفزا ، وعبر النت والشبكة العنكبوتية. ما الذي سيتم حجبه عنهم في هذه الحالة. معنى الكلام هنا ان علينا ان نعطي الناس فرصة لمزيد من التنوير ، وان نساعد القناة حتى تبث ، وان لا نتخلى عنها ، ولا عن كادرها.
بدلا من عرقلة القناة ، علينا مساعدتها ، بكل الوسائل. اقل هذه الوسائل هو منحها فرصة للبث الفضائي والارضي ، حتى نرى ما لديها ، وحتى لا يتم التفريط بكفاءات تركت اعمالها في دبي ، وهنا وهناك ، ووضعت كل املها في قناة اعلامية محترفة. نحن نجيد فقط من جهة اخرى البكاء والعويل على ما تتعرض له سمعة البلد ، من اساءات مدروسة في الاعلام العربي ، واذ كنت لا اؤمن بتوظيف الاعلام للرد على اعلام مسيء ، الا ان وجود اعلام مشاهد وحر وقوي في امكاناته مفيد لاي بلد ، دون ان يعني ذلك ، ان القناة يجب ان تتحول الى غرفة في الحديقة الخلفية للاعلام الرسمي. لا سمحنا باعلام متنور ، ولا نريد توظيفا ، ولا حتى تركنا الاستثمار لينمو في هذا الاطار.
الحكومة تقول ان لا علاقة لها بوضع القناة. من له علاقة اذن؟. سؤال مفرود بين ايدي الجميع. هل يليق ان يعتصم الموظفون ويناموا في العراء ، ومن مؤسسة الى مؤسسة حاملين همومهم وقضيتهم ، ولعل الفرادة تتبدى في تحول قصة القناة من مشروع ننتظره عبر الفضاء ، الى قصة لإعلام موءود تنقل تفاصيله الفضائيات ووسائل الاعلام. قمة الفرادة ، فحتى لم نكسب السبق ، وحولنا القصة الى سبب اخر لمس سمعتنا في الاعلام العربي والاجنبي.
ايا كانت اسباب هذه اللعنة التي تحيط بقناة ATV فان المنتظر هو حل هذه المشكلة حلا جذريا وواضحا ، وان نخرج من قصة الغموض والالتباسات ، وان نقول للقناة ولكادرها ، انهم يستحقون فرصة ، وهي فرصة كبيرة للبلد وللناس ، ولطبقة الاعلاميين ، ولكل مشاهد اردني وعربي.
ليس اصعب من الوأد سوى لمعة عيني القتيلة في لحظاتها الاخيرة.
mtair@addustour.com.jo
الدستور