محطات خالدة في حياة الهاشميين مقتطفات الملك طلال في شرق الاردن
أمل محي الدين الكردي
11-02-2021 12:52 PM
ولد الملك طلال ابن الملك عبدالله الاول طيب الله ثراهم في عام 1909م وهو الابن الاكبر للملك عبد الله الاول وبالرغم من قصر مدة حكمه إلا انه كان له بصمات كبيرة في مجال النهضة التعليمية وقانون الخط الحجازي ووضع الدستور الاردني في 8كانون الثاني عام 1952م وجرى تعديله عدة مرات وكان وطنياً غيوراً وكان من اقواله المشهورة: (يا الله ! هل من الممكن أن أحب الانجليز، أو أن أؤيد سياستهم إلا إذا كنت مستعداً أن أشطب تاريخ أبي وأنسى مآسي أسرتي وأصفح عن غدرهم بكل واحد منا ،الخلاف بيني وبينهم شاسع ...إن لهم مفهوم عن دور الاردن في المنطقة بينما أنا لي مفهومي الخاص عن هذا الدور رسالة الاردن في قاموسي غير رسالة الاردن في قاموسهم ).
في 17 آذار اصدر الملك عبدالله الاول ارادته بتعيين الملك طلال ولياً للعهد. كان الناس يعتقدون ان الملوك والأمراء يقضون ايامهم منعمين هائنين ولعل هذا الكلام كان فيما سلف صحيحاً أما في عهد شرق الاردن لم يكن كذلك فقد تغير الحال فقد تعددت مهامهم في الاشراف والعمل على شؤون الدولة والى احترام التقاليد وصياغة مصالح الامة والعرش وكرامتها.
ولا ريب إن ولي عهد الامارة في حينه سمو الامير طلال هو من أكثر الامراء المعاصرين لتلك التبعات وتأدية لتلك الأعمال بكفاءة ودقة ورؤية كما من اكثر الصفات للمزايا التي يتطلبها القرن العشرين في ذلك الوقت لمن يجلسون على العرش، أميرٌ شابٌ تام النضوج يقضي حياته منظمة لا يعرف الكبرياء حريص على التقاليد سموحاً واسع الصدر يتلقى الامور بحسب ما هيأتها مدرسة الحياة خير مدرسة لملوك وامراء كما هي لسواهم ،ولا تغيب يقظة ولي العهد شيء حتى عن بعض الحوادث التي ليس لها في الظاهر شأن خطير تستوقفه وتنال عنايته وكان يهتم يطالع الصحف الغربية والوطنية ويهتم بدقة التعليقات على مختلف المواضيع بإنتباه وعناية ويهتم على ما يحدث في الحياة السياسية والاجتماعية في شرق الاردن وجوارها، وكثير ما كان يدهش من حوله اذ انه يتطرق الى مواضيع مختلفة لم يخطر بان سمو الامير مطلع عليها بتلك الدقة العجيبة وقد كان يتابع رئيس وزاره بدقة متناهية ومن يومياته في الصباح وحالما تنتهي مقابلة فخامة رئيس الوزراء يمثل في حضرته رئيس الديوان الاميري العالي محمد بيك المحيسن ويعرض على سموه مقررات والعرائض المرفوعة على سموه فيعمل حتى يتم إنجازها وبعد ذلك يغادر سموه المكتب يذهب لتناول الغذاء ويرقد قليلاً للمطالعة الصحف والكتب التي تاخذ وقت للمتابعتها ويستدعي بعض الاشخاص المهتم لأمره ليناقشه ويحدثه عن بعض الحوادث والمسائل ذات الشأن.
وبعد أن يتناول طعام العشاء يجلس في الصالون ويتمثل في حضرة ولي العهد بعض الاوقات فخامة رئيس الوزراء ورئيس الديوان والحاشية وبعدها يدخل سموه الى جناحه الخاص ليتمتع بقسط من الراحة. يتبين لنا من هذه اللقطات الوجيزة ان ولي عهد الامارة في حينه يضع دوماً نصب عينيه سعادة الشعب وارتقاءه متمشياً على الخطة التي يمشي عليها والده المعظم واضيف هنا ان ولي العهد الملك طلال في حينه بجانب المشاكل الخطيرة التي تشغل باله كان شرقي الاردن يتمتع في هناء وحرية مطلقة في ظل آل البيت وتحديها للأقطار المجاورة التي كانت تقاسي الشدائد والمصائب في ذلك الوقت.
إننا اليوم وعلى أعتاب مئوية ثانية للدولة الاردنية ومع آل البيت آشبال الثورة العربية الكبرى المقدسة وأبناء واحفاد جدهم الحسين العظيم الذي ضحى بعرشه وتاجه فداءً للعرب، ومقارنة بين اجداد واحفاد نتطلع اليوم الى مليكنا العظيم عبدالله الثاني حفظه الله وولي عهده المحبوب على متابعتهم لشعبهم والارتقاء به في أعلى المستويات، وهذا كله لم يأتي من فراغ آثر جهد مستمر للرفع مستوى المعيشة لشعبه وجعل الاردن من مصف الدول المتقدمة والمميزة والتي تربط العلاقة بين ملكها وشعبها علاقة حب وارتباط مصيري وهذا ما ورثه الاجداد للأحفاد الذي ننعم به اليوم.