في رحيلِ الكبير عبدالهادي المجالي
المحامي فخري إسكندر الداوود
10-02-2021 09:43 PM
إنّ كلمة الكبير تنطبق بكلِّ معانيها ودلالاتها على "أبو سهل"؛ كبيرٌ في مواقفِه، كبيرٌ في ترفِّعه عن الصغائر، كبيرٌ في حبِّه للناس، كبيرٌ في تعدد قدراته ومواهبِه ومعرفتِه بكلِّ جوانب الحياة المهنية، سواء تعلّق الأمر بالقوات المسلحة أو العمل السياسيّ أو العمل الأمنيّ أو العمل التشريعيّ، ففي كلّ موقعٍ شغلَه عبد الهادي كان مميزاً، ويبقى مكانَه ولو شغر، مملوءاً بأثرِه وإنجازاته المفصلية.
شغلَ عبد الهادي منصبَ رئيس هيئة الأركان بالقوات المسلحة، وفي عهدِه جحفل الجيش الأردنيّ، وذلك برعاية جلالة الملك -المغفور له- الحسين بن طلال، من بعد ذلك أمسى سفيراً للأردن لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وفي تلك الفترة شيّد مبنى السفارة الأردنية في واشنطن بعد أن كان المبنى مستأجراً، و كانت تربطه علاقة جيّدة بمكتب الرئيس الأمريكيّ آنذاك رونالد ريغان، وطالما حدّثنا المرحوم عبد الهادي عن رؤية ريغان للسلام.
وبعد ذلك، عاد ليشغل منصب مدير الأمن العام، وقد استغربْنا جميعُنا ضباط الأمن العام في حينه، أنه كان يحاضر ويتفهّم ظروف العمل الشرطيّ والأمنيّ وكأنه منتسبٌ لجهاز الأمن العام منذ عقود.
غيَّر اسم قسم الشرطة إلى "المركز الأمنيّ"، وبدأها بمركز أمن المهاجرين، ثمّ مركز أمن البيادر.
من أوائل من طبّق مفهوم الأمن الشامل، ما يعرف الآن بالأمن المجتمعّي، وأوجد في كلّ مركزٍ أمنيّ مجلسَ أمنٍ محليّ من أهل المنطقة، وما زالتْ المراكزُ الأمنية تطبّقُ هذه الرؤية الناجحة.
ترك عبد الهادي الأمن العام، ليمارس العمل الحزبيّ والسياسيّ ليؤسس الحزب الدستوريّ، و من ثم حزب التيّار الوطنيّ، وانضم إلى البرلمان حيث ترأس المجلس لدوراتٍ متعددة.
شغل المهندس عبد الهادي المجالي منصب وزير الأشغال العامّة خلال سنوات عمله في البرلمان، وبُنِيَ في عهدِه مبنى وزارة الأشغال العامة.
أريدُ التوّقفَ عند عملِه كرئيساً لمجلسِ النواب، الذي كان مميزاً ومهيباً، فقد أدارَ أوركسترا المجلس كمايسترو متمرّس، وكان دقيقاً في فتح النقاش وماهراً في تطبيق النظام الداخليّ والدّستور.
تغلّب عبد الهادي على مرضِه اللعين قبل سنواتٍ من موتِه، ليخوض معركة أخرى دامية، مميتة، مع هذا الوباء الذي هزمَ جبروته وقوته.
هو قائدٌ ليس ككل القادة،دمثٌ محبٌّ ومديرٌ ناجحٌ أينما حل، نودعك "أبو سهل" بحزنٍ وألمً عميقين، ونعلم أن مَن يبحث عن عبد الهادي لن يجدَه في القبور، بل في كلّ قلبٍ وكلّ مشروعٍ وكلّ انجاز، فإلى جنات الخلد يا أبا سهل، ولروحك الرحمة والسلام.