التعلیم الجامعي في الفصل القادم
أ.د. أمل نصير
10-02-2021 07:03 PM
تعكف وزارة التعلیم العالي والبحث العلمي على إقرار آلیة دوام الجامعات في الفصل الثاني القادم، ولعل هذا القرار هو الأصعب لا سیما في ظل تزاید أعداد المصابین بالكوفید في الأیام الأخیرة، وغیاب المعلومة الأكیدة عن توفر اللقاح الذي یبدو أنه بعید المنال في ظل شحّه عالمیا، وعدم ثبات وصوله إلى المملكة.
لا یخفى على أحد قلق جمیع المعنیین بالتعلیم الجامعي، وصعوبة أخذ القرار المثالي في ظل ظروف الجامعات التي یعرفها الجمیع؛ مما یغني عن إعادتها هنا؛ وهذا سیصعب عمل الوزارة التي تقول بوضع خطة وطنیة لإدماج التعلم الالكتروني مع التعلم الوجاهي.
السیناریو الأول المقترح لشكل التعلیم في الفصل الدراسي الثاني هو الاستمرار بما كنا علیه في الفصل الدراسي السابق؛ أي عن بعد باستثناء المختبرات العلمیة، والكلیات ذات الطابع العملي مثل الهندسة والریاضة والفنون، والسنوات السریریة للتخصصات الطبیة، ومع كل ما شاب هذا النوع من التعلیم إلا أنه كان ذا فائدة كبیرة في الحفاظ على صحة الطلبة والأساتذة؛ مما ساهم في الحفاظ على السیطرة على انتشار الجائحة، إضافة إلى التعمّق في إتقان مهارات التعلیم عن بعد لا سیما في الجامعات التي أوقفته منذ سنوات بعد أن قطعت شوطا جیدا فیه.
وأما السیناریو الثاني المطروح المتمثل بعودة تدریجیة للطلبة في الحرم الجامعي، تبدأ في المرحلة الاولى بطلبة الدراسات العلیا، فإن ذلك سیفتح الباب للتساؤل عن عدم الاهتمام بصحة طلبة الدراسات العلیا وأساتذتهم لا سیما أن غالبیتهم من المتقدمین في السن مقارنة بغیرهم، وهم لم یتلقوا اللقاح بعد، وبالتالي هم معرضون للإصابة، سواء من الاختلاط في الجامعة أو من المواصلات التي
سیتنقّلون بها.
والسیناریو الثالث المقترح هو بالتوجه نحو التعلیم المدمج الذي یجمع بین الوجاهي والتعلیم الإلكتروني، فعلى وجاهة هذا هذا السیناریو، لكن الجامعات غیر مؤهلة بعد لذلك بحكم طبیعة أنظمتها، وأعداد الطلبة فیها، إضافة إلى إمكانیة عدم التزام الطلبة مع معرفتهم بعدم جواز محاسبتهم على الغیاب في ظل قانون الدفاع، إضافة إلى صعوبة السیطرة علیهم بإلزامهم جمیعا بالكمامة،
والتباعد كما هو الحال مع طلبة المدارس، إضافة إلى عدم القدرة على التزام الجامعات نفسها بتحقیق التباعد في المحاضرات والامتحانات في ظل الأعداد الكبیرة في الشعب، وعدم وجود قاعات واسعة لهذا التباعد، أضف إلى ذلك الاختلاط في الباصات التي تنقل غالبیة الطلبة من قراهم ومدنهم إلى الجامعات؛ مما یعني أن إصابة أحدهم كفیلة بنقل المرض إلى أسرته وقریته…
إن ثقة الوزارة بقدرة الجامعات على مراقبة الطلبة داخل الجامعة، والحرص على خروجهم من الحرم الجامعي حال انتهاء محاضراتهم هو من باب الخیال، فطلبة الجامعات یختلفون كثیرا عن طلبة المدارس.
أعتقد أن الحل الأمثل لهذا الفصل هو استمرار ما كان في الفصل الأول، ومن ثم البدء بالتحضیر للعودة الطبیعیة في الفصول القادمة علما یأن الفصل الصیفي اختیاري للأساتذة والطلبة معا، وبالتالي یتحمل كل واحد مسؤولیة التحاقه بالجامعة، ونأمل أن نكون قمنا بتطعیم أعداد كبیرة من الأساتذة والطلبة؛ مما یسمح معها بالعودة إلى التعلیم المدمج أو الوجاهي الكامل.