مذكرات هزاع المجالي هي ليست سيرة ذاتية او مذكرات شخصية ،إنما هي سرد لحقبة حرجة مَر بها الاردن والمنطقة المحيطة بها بشكل عام.
سرد المذكرات من مرارة وقساوة الأحداث التي عاشها بتلك الحقبة الزمنية ،ولم تخلوا مذكراته من البساطة بسرد عن حياته الشخصية والطريقة التي كتبها المرحوم هزاع المجالي جعلتني أبتسم وأحزن في بعض الأحيان التي تحدث بها المرحوم عن بساطة الناس واعتزازه بصداقتهم ومحبة البعض منهم.
كتب المرحوم مذكراته في سن الاربعين من عمره وكانت الطبعة الاولى لكتابه في آيار عام 1960م وتحدث عن فترة لم تخلوا من المراحل الصعبة للقضية الفلسطينية. ولعل ما كتبه المرحوم ليؤكد بأنه كتبها حتى لا تتعرض الحقائق الى صور مشوهة وخاصة للمغفور له الملك عبد الله الاول والذي هو ليس بحاجة لأحد للدفاع عنه وقد تحدث عن علاقته بالأسرة المالكة وخاصة العراق وقدم بإهداء كتابه الى الحسين المؤمن الأمين وهذا ما أكده بكتابه وقال: الى الذي صمد ببلده وبأمته أمام زعاع الافك والالحاد والانتهاز، وأثبت أن أستمرار القومية العربية بأساسها وتاريخها وامجادها ،هو وحده ما يصون للعرب حريتهم ويبقي على طابعهم الممتاز بين الأمم ويجعلهم يشاركون في العمل لخير الأنسانية ... الى الحسين المؤمن الأمين أقدم مذكراتي – هزاع المجالي.
وتحدث عن شعوره بالحرج لكتابة مذكراته في هذه الفترة الزمنية في حينه وهذا الوقت وخاصة بأني بالصفة الرسمية، وأكد بأنه لم يخض بتفاصيل أشخاص وأحداث تحسباً بأنه محتمي وراء السلطة وخلفها، وخاصة إن المواطن العربي لا زال يعيش في دوامة من تزوير التاريخ وتشويه الحقائق وأكد أن كتابه هذه المذكرات لا يعبر الا عن صدق ووزن قيمتها واخلاصها وتجردها عن الهوى والغاية هذا الوزن في نظري ،هو الذي يبقى ويرسخ في النفوس.
وإن هذه المذكرات ليست دفاعا عن أحد وإنما للمواطن العربي الذي يجب أن يفتح عينيه والخوف من الانجراف في التزوير الذي يدفعه المغرضون ولا بد من الوعي عن سند مخلص دقيق من التاريخ وتمنى أن يكون هذه المذكرات هي السند. وتحدث في فقرات مختلفة عن والده وعائلته واقربائه وزوجته التي كانت بجانبه الى أن أكمل تعليمه ومواقفها الأنسانية والجادة معه وشدتها في إتخاذ القرار اتجاهه وعن اعتزازه بالثوار في فترة زمنية معينة.
وتحدث عن الملك عبدالله المؤسس طيب الله ثراه بأنه كان من السياسيين العرب القلائل الذي اعتمد على العقل المجرد الواقعي الدقيق وتقدير الموقف بتجرد بعيد عن كل العواطف والخيالات والاوهام وكان قائداً بكل معنى وكان من الحكام السياسيين نظراً وتبصراً في عواقب الأمور وصريحاً بمنتهى الصراحة وهذه الصفات فتحت الباب على خصومه ولكن هذه الأحداث أثبتت صدق رأيه وحسابه. وبحكم صلتي بالملك عبد الله كنت أقوم بأمانة وسرية، وعندما تم تعييني رئيساً لبلدية عمان تعرضت للحسد ولا سيما الطامعين به ولكن هذه المظاهر ما زادتني الا همة ونشاط بالعمل.
ووصف الملك طلال طيب الله ثراه بأنه كان يتمتع بشعبية لا نظير لها مع شعبه. وتحدث عن أشخاص كثيرون كان لهم دور إيجابي وسلبي في هذه الحقبة الزمنية، وعن الظلم وقال : إني احار مني اقول في هذا الظلم والذي جاز على الرأي العام ولكني أقولها بصراحة صريحة لوجه الله ولوجه الحق ولوجه هذا الوطن الذي منه نبتنا ونموت هو الصحيح هو غير هذا كله بل ان الصحيح هو ان هناك قوة خفية تسعى سعيها في البلاد وهذه القوى الخفية التي تجعل من الخير العميم شراً مستطيراً وتقلب الحق الصراح ليكون باطلاً منفراً.
هذه المذكرات سردت الكثير الكثير من القصص التي نحن بحاجة أن نقرأها بتمعن ونضعها نصب أعيننا والتي ما كانت الا احداث صادقة رواها وكتبها واحد من رجالات الاردن الذي كان له بصمة لن تمحى من الزمن بل ستظل تذكر تضحياته وحبه للوطن ونتمنى أن يحذوا حذوه الكثير ليكتبوا مذكراتهم بكل مصداقية ليبقى التاريخ يكتب بقلم وقلب صادق للأردن الذي بناه الأجداد الى الأحفاد وليبقى الاردن صامداً بقلوب صادقة وبحكم هاشمي بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ليحفظه الله ويحفظ الاردن من كل سوء ومكروه.