علينا أن نعترف أن الذي يدير المشهد بشأن قرارات أزمة كورونا، ليس الحكومة، ولا غيرها، بل الوضع الصحي، ووفقا لمؤشرات محددة، فالقصة صحية، وليست سياسية.
أبرز هذه المؤشرات كما هو معروف، عدد حالات الإصابة، عدد حالات الوفاة، النسبة المئوية للإصابات، مقارنة بعدد الفحوصات، وعدد الذين بحاجة الى أجهزة تنفس، أو عناية حثيثة، ووفقا لهذه المؤشرات يتم تحديد الخطوات المقبلة، في ملف كورونا.
وفقا لمنطوق مسؤولين كبار في هذا الملف، فان التوجه نحو حظر شامل ممتد، على ذات طريقة بداية أزمة كورونا، العام الماضي، غير وارد حتى الآن، وفي حال تدهور الوضع الصحي، خصوصا، مع بدء الأرقام بالارتفاع مجددا، فان الحل قد يكون بالعودة إلى إجراءات متدرجة مثل العودة لحظر الجمعة، أو خفض ساعات التجول، أو إغلاق قطاعات معينة.
لكن لا أحد في عمان الرسمية، يريد الوصول الى هذه المرحلة مجددا، والحل يكمن في أمرين يمكن للناس عبرهما، منع الحظر الشامل، أو العودة إلى أنماط اقل قسوة من الحظر، أولهما الالتزام بالإجراءات الوقائية، على صعيد التباعد، والكمامات، وقلة الاختلاط، وهذا خيار بإمكان الكل التفاعل معه، وليس بحاجة إلى معجزة، وثانيهما التسجيل للحصول على اللقاح، الذي لم يسجل له حتى الآن الا 230 ألف شخص، ولم يحصل عليه فعليا إلا 40 ألف شخص، واستنكف عشرات آلاف الأشخاص عن مواعيد الحصول على اللقاح، وجميع المستنكفين هم من كبار السن، من فوق السبعين، تقريبا.
وفقا لمعلومات مؤكدة فلا نية لفرض المطعوم بشكل إلزامي، لاعتبارات كثيرة، إذ أن مثل هذه اللقاحات لا يمكن فرضها بشكل قسري، كون الدول لا تريد اجبار كل مواطنيها على الحصول على اللقاح، لان النسبة المستهدفة التي تحقق مناعة مجتمعية، نسبة محددة، وليس كل السكان، كما أن العقل الباطني للدول يخاف من فرض اللقاح، وحصول أعراض جانبية على المدى المتوسط أو البعيد، وبحيث تتورط أي حكومة بأزمة كبرى، بما يبقي قصة اللقاح اختيارية، وشخصية، لكن قد يكون هناك توجه في توقيت معين، إذا بقي الانخفاض في الحصول على اللقاح بهذه الطريقة، بفرضه على قطاعات معينة، كأن يطلب من كل مسافر الحصول على اللقاح، قبل سفره، والا يتم منع سفره، أو أن يتم فرضه على قطاعات معينة، دون غيرها، من أجل السماح لها بالعمل، وعبر هذه الانتقائية المتدرجة في القطاعات، يمكن تعميم اللقاح، بدلا من فرضه على كل المواطنين والسكان في الأردن.
لدى الاحتلال تجربة تطعيم الملايين، لكن اللافت أن نسبة الإصابات ما تزال مرتفعة، كما ان نسبة التأثر السلبي باللقاح، أو التحسس، ظهرت أكثر عند تلقي الجرعة الثانية من اللقاح، وهذا يعني ان قراءة رد فعل الجسم عبر الجرعة الأولى غير كاف، اذ قد تتأخر ردود فعل الذين يتلقون اللقاح الى الجرعة الثانية، ولا يعرف أحد من ناحية علمية حتى الآن، إذا ما كانت أي أعراض جانبية قد تظهر بعد وقت قصير، أو طويل، وإذا ما كانت فعالية اللقاح مؤقتة، وسيكون الإنسان بحاجة الى تجديد اللقاح بعد أشهر، أو سنويا.
لا يقبل الناس على التسجيل للقاحات، وهذا يفرض على الحكومة ان تعيد النظر في معايير منح اللقاح، خصوصا، إذا توفر قريبا بكميات كبيرة، ولا بد من التخلي عن شرط العمر، وفتح المجال للحصول على اللقاح، لفئات أصغر، خصوصا، ان الفئات الأصغر في العمر، أكثر تعليما، وأيمانا بجدوى اللقاحات، وعبرهم يمكن تحسين نسبة الحاصلين على اللقاح.
الأزمة في الأردن، هي ذات الأزمة في كل دول العالم، وهي أزمة طاحنة بحق للحياة وأنماطها، والتعليم، والاقتصادات، وما من حل للتعامل مع الوضع، سوى ان يتشدد كل إنسان بإجراءات الوقاية، حماية لنفسه وعائلته، ومن أجل أن نمنع العودة إلى الإغلاقات، وحتى لا ننجرف نحو السيناريو الأسوأ، أي الحظر الشامل، الذي لا يحتمله أحد في الأردن، واضطرت له دول أكبر وأقوى من الأردن، فيما اللقاح، يبقى حلا مهما، وتبقى شهادات من تلقوه، دليلا، على عدم خطورته بالطريقة التي يتصورها الناس، لكنها شهادات غائبة عن الرأي العام، ولا بد من توثيقها ونشرها عبر الإعلام.
نضع أيدينا على قلوبنا، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
(الغد)