فلنضع حداً لهذا "الاغتراب"
يوسف عبدالله محمود
06-02-2021 01:43 PM
شبابنا العربي يعيش اليوم "اغتراباً نفسياً وذهنياً" منقطع النظير، يملأه "فراغ روحي" تُفاقم وتيرته "عولمه" ظالمة، سلبته القدرة على التفكير السليم والمنتج، موارد اقتصادية عربية هائلة، لكنها تعالج هذا الفراع الروحي الذي يعاني منه الشباب. بطالة تزداد حدتها بين صفوفه. فقر مدقع يدفع الكثيرين منهم الى الانحراف ومحاولة الهروب من الواقع البائس على نحو فيه من اليأس والاحباط ما فيه! تارة في الاسراف بممارسة العادات الذميمة التي تهدد صحتهم النفسية والاخلاقية وتارة اخرى في محاولة لوضع حد لحياتهم هرباً من سوء الحال!
في كثير من بلداننا العربية ما تزال دولة القانون فاقدة الركائز لحقيقية لوجودها. القبلية والعشائرية والطائفية باتت سيدة الموقف. برامج "الاصلاح السياسي" يعلن عنها الاعلام العربي كل يوم، لكنها مع الاسف لا تتم، وإن تمت فعلى نحو منقوص!
منظمات المجتمع المدني شبه غائبة او "مُسيسة" لخدمة السلطة الحاكمة، "الاحزاب السياسية" عاجزة عن تطوير برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي طموحات المواطن العربي، عجزها راجع -كما أرى- الى التنافسية غير الشريفة بينها، حيث المناكفة السياسية العبثية التي يفتعلها قادة هذه "الاحزاب". المصلحة العامة هي الغائبة!
في اجزاء كهذه كيف للشباب العربي ان يسلم من هذا الاغتراب النفسي والذهني الذي طالما حذر من خطورته الأوفياء لهذه الأمة ومنهم سمو الأمير الحسن بن طلال الذي يدعو دوماً الى إيلاء اهتمام اكثر لتطلعات الشباب وتوفير فرص العمل لهم حتى لا يُساقوا الى ما لا تحمد عقباه!
ينتقد سموه "الرؤية النخبوية" التي تستبعد "الوعي الجماهيري" يدعو الى "ضرورة الانتهاء من الرعوية والدخول في الرؤيوية"، وهذا يعني خلق أجواء من الحرية تتيح للإنسان العربي العادي ان يُسمع صوته للسلطة الحاكمة في بلاده، وإن تصغي هذه الاخيرة لصوته!
ثمة تقهقر عربي غير مسبوق ان سياسياً او اقتصادياً او اجتماعياً او ثقافياً. انظمة التعليم في بلداننا العربية مازالت عاجزة عن مواكبة ايقاع العصر.
ما زال البعض يحاول شدّ هذه الانظمة الى تقاليد الماضي وأدبياته التي تجاوزها العصر.
كم هو محزن ان نفتقد كعرب -وأعني المسؤولين والقادة- "التوافق الرسمي على الحدود الدنيا من الجوامع"! كم هو محزن ان تحول المشكلات الوطنية الداخلية دون حضور مثل هذا "التوافق"! مؤسف ان يظل "الفكر العربي" المبدع غير قادر عن صنع المستقبل العربي المنشود. مؤسف أن يظل معتقلاً أو شبه معتقل!
حتى الآن لم نحسن كقادة ومسؤولين مخاطبة مشكلات المواطن العربي الإنسانية وبخاصة "الشباب".
أما قصص "الفساد" فحدث عنها ولا حرج! وهنا أتساءل: متى يتم اجتثاث هذا الفساد الذي نشكو منه كعرب؟
في البلدان المتحضرة تتم ملاحقة الفاسدين والمرتشين وإن علت مناصبهم، ومنهم من يودع السجن إن ثبت فساده بالأدلة الدامغة!
دعونا يا قوم لا ندفن رؤوسنا في الرمال مُتغاضين عن هذا "العوار العربي" المفضوح. دعونا نحسم الخلاف المفتعل بين ديننا الاسلامي الحنيف وبين بعض انجازات العلم الحديث او بينه وبين معظم أجناس الفنون.
في كتابه الشهير "العقل العربي ومجتمع المعرفة" يدعو الدكتور نبيل علي العرب إلى دخول عالم "المعرفة" دون معوقات. يقول بالحرف: "إن المعرفة وحدها كفيلة بانتشالهم من كبوتهم الحالية، انها سلاحهم ضد "اللاعلمية التي تفشت في المجتمعات العربية". (ص 37)
يحذرنا هذا العالم من الاستسلام للظروف وانعكاسات ذلك على صنع مستقبلنا "الذي يكاد يفلت من قبضتنا". (ص 11)