محطات خالدة في حياة الهاشميين
أمل محي الدين الكردي
06-02-2021 01:06 PM
هذا واجبي رغم أنفي
عاش الملك حسين بن علي ملك الأمة العربية وقائدها وزعيم نهضتها مضحياً في سبيل استقلالها بالنفس والنفيس والعرش والتاج وظل مخلصاً لها الى النفس الأخير فكان لهذه الأمة المثل الأعلى على الأقدام والشجاعة والصبر والجلد والدأب والعزم والتضحية وغيرها من المزايا العالية. ليس من المستطاع تصوير تلك النفس الكريمة والروح العظيمة والشجاعة التي حيرت العقول وربأطة الجأش التي ظهرت حين اطلق الرصاصة الاؤلى مؤذناً بالثورة فقابلته الجنود المرابطة في قلعة اجياد بإطلاق القذائف من مدافعها على قصره فجعلته يتساقط من كل جانب وتحترق الغرفة التي كان جالساً بها وتتناثر شطاياها القتالة ذات اليمين والشمال والغرفة تهتز وتكاد تنهار اركانها وهو رابط الجأش ولم يتحرك من مجلسه ولم يصغي الى كانوا يرجونه من مغادرة المكان.
ولا يتسع المجال لسرد ما أشتهر به من غرائب الصبر والجلد والتضحية فقد ضرب لنا فيها المثل الأعلى اذا ضحى بملكه وعرشه في سبيل البلاد واستقلالها ووحدتها وهي من أهم اركان نهضة الأمم.
فعلي استذكر رثاء احمد شوقي به قال:
لك في الارض والسماء مآتم قام فيها ابو الملائك هاشم
اغسلوه بطيب من وضوء الرسل كالورد في رباه النواسم
ولعل فلسطين كانت احدى اهم ما شغلت همه ومع هذا لم يكن خالي من اللوم بأنه لم يكن يعطف على الأمة العربية الفلسطينية ولم يكن يمد لها المساعدة فقد نقلت جريدة اسرائيل في عددها الثالث من عامها الرابع خبرا عن جريدة الوطن تحت عنوان (الملك حسين يمد الوفد الفلسطيني بالمال) وفحواه أنه رأى بعض الصحف العربية في فلسطين توجه لومها الى جلالة الملك حسين وأنجاله العظام أنهم لا يعطفون على الحركة العربية الفلسطينية ولا يعنون بمساعدتهم ولذلك فهو يؤكد للعالم أجمع ان هذا اللوم في غير محله لأن جلالة الملك حسين أمد الحركة الفلسطينية بالمال ومن جملته أن السيد محمد الطويل مدير الجمارك العربية في جدة نقدني الف وخمسمائة جنيه عند عودتي من مكة بأمر جلالته. ولما كان هذا الخبر مختلفاً لا صحة له فأنني اكذب على رؤوس الملاء جميع روايات ذلك الاديب الذي كان يجب عليه أن يثبت في نقله وتحقق . وبين السيد محمد الطويل هذا الافتراء وان هذا واجبي رغم الشعب العربي الفلسطيني لا يزال يثق تمام الثقة بجلالته ويذكر له اهتمامه العظيم في سبيل الدفاع عن القضية العربية عامة وفلسطين خاصة واكبر برهان على ذلك هو ان اول قرار اتخذه المؤتمر الفلسطيني الخامس رفع الشكر والامتنان بإسم ابناء فلسطين عامة لجلالته وبين رئيس الوفد الفلسطيني الحجازي بأنه قام بالتنقل في جميع انحاء فلسطين مع رفاقه شرح للجميع جميع المساعدات التي قدمت من جلالته ورجال حكومته في تسهيل مهمة الوفد ، وقال بعض العبارات لهم التي كانت على لسان جلالته ومنها :اذا لم ينجز الحلفاء وعودهم فأنني سأموت تحت أسوار البلاد المقدسة ،واذا لم أجد شيئاً اساعد به القضية العربية فسأبيع جبتي وانفق ثمنها في هذا السبيل ،لا أريد من الوفد ولا من أي عربي ُشكر فهذا واجبي أقوم به رغم أنفي ، ثُم تلغرافه الذي ارسله الى جمعية الامم والى الحلفاء وفيه انهم اذا لم ينظروا الى مطالب العرب في فلسطين ويحققوها فهو ينذرهم بوقوع مشكلة دينية يصعب تلافيها ورده القاطع على الهيئة القومية الاسرائيلية في القدس وفيه من الجمل ما يزيد من حماس الفلسطينين العرب وثباتهم ....الخ ما هنالك من المجهودات العظيمة التي صرفها ويصرف في سبيل تحقيق غايتنا وان الامة لتعيذ جلالته وانجاله العظام من الاهتمام بأقوال بعض المرائين الذين يريدون أن يوقعوا الشقاق بينها وبين زعمائهم طلباً للمنفعة الشخصية واصطيادهم بالماء العكر وهذا ما كتبه عبد القادر المظفر رئيس الوفد الفلسطيني الحجازي ونشرته الصحف في حينه .
فهذا هو ملك العرب رحمه الله كما عُرف منذ بدء النهضة العربية واليوم ونحن نحتفل بالمئوية للدولة الاردنية لا زلنا وسنبقى نستذكرملك العرب الشريف حسين العظيم طيب الله ثراه رؤيته الوطنية ومشروعه النهضوي الذي دعا الى التحرر والاستقلال وإنشاء دولة عربية واحدة وهذا التكوين والرؤية التي نعيشها اليوم ونلمسه وما كانت الا بتضحيات كبيرة من الهاشميين التي ما لا زالت القضية الفلسطينية هي قضيتهم الاؤلى . رحم الله منقذ العرب وطيب الله ثراه .
amalkurdi77@yahoo.com