بيت القرار الأممي بين الفعل والتفاعل
د. حازم قشوع
05-02-2021 12:02 AM
الفعل هو السلوك الذي يمارسه الفرد بهدف تحقيق غاية معينة، بناءً على قواعد أساسية تضبط الموضوعات، بحيث تحدد بمدد زمنية ضمن سياق منهجي يعبر عن ثقافة فاعل الفعل، كما تقوم على أهداف بدافع معلوم نابع من ضمير الفاعل، أما التفاعل الاجتماعى فهو العلاقات الاجتماعية التي تقوم على أساس التفاعلات الطبيعية الإنسانية التي تصدر عن مجموعة بحيث يشكل كل فعل من أفعال الجموع جملة اجتماعية تنطوى على أفعال الآخرين، وهو ما بينه «ابن خلدون» في مقدمته بطريقة بسيطة عندما حدد أنواع التفاعل والتي تبدأ من التفاعل المباشر والتفاعل البنَّاء أو الهدّام، والتفاعل الفردي أوالجماعي، والتفاعل المؤقت أو التلقائي، أو العرضي، وهو ما يشكل محتوى تفاعل الجموع، وبيئة الاستجابة.
أما المعادلة التي يمكن استنباطها من وراء ذلك فإنها تقوم على معادلة الفعل، حيث الطاقة التي يمكن أن تمثل منتجًا أو منجزًا وتفاعلًا حيث الرابط وبيئة الاستجابة، وهو ما يتأتى من ذات المعادلة التي يقوم عليها بيت القرار عند صياغة أو صيانة قراراته، حيث تعرف بالشرعية الذاتية للفعل التي لا بد أن تقترن بالمشروعية الموضوعية للتفاعل لتكوين رابط المحتوى، وهو الرابط الذي بدوره ينسج تفاعلية العلاقة، هذا على اعتبار أن الفعل في هذه المعادلة يشكل شرعية اتخاذ القرار بينما تمثل المشروعية في ذات المعادلة إطار عنوان محتوى القبول، وباب الاستجابة، وهو العامل الذي يحفظ للفعل البيئة الحاضنة عندما تحفظ له ديمومة البقاء والاستمراية، وبيت الاستدامة.
ولأن مضمون التفاعل في البيئة الاجتماعية غالبًا ما يشكل مصدر القرار، وإن كان لا يتخذه بطريقة مباشرة، فإن بيت القرار يعتمد عليه بطريقة مباشرة لتحقيق درجة الاستجابة وغير مباشرة في ميزان التغذية الراجعة، وذلك في تكوين عناصر الحماية المجتمعية أو الدولية؛ لما تشكله بيئة المحتوى أيضًا من رافعة ذاتية يعزز من خلالها بيت القرار مناخات، ويرفع من مستويات الثقة، وهو العامل الذي تستهدفه كل المجتمعات بتأصيل القيم الوطنية، وتعميق محتواها الذي يقوم على الولاء للمؤسسات والمرجعيات، والانتماء المكاني للجغرافيا السياسية.
إذن، القصة لا تقف عند الفعل أو صناعة منتج، ولا ترتبط بروابط المحتوى فقط؛ لأن قصة النجاح أو ما يعرف بشرعية الإنجاز التي ينشدها الجميع تتكون من مجموع نسبي يجمع عوامل الفعل مع محتوى التفاعل لإحداث الأثر المجتمعي المطلوب الذي يقدم المنجز بمحتوى إنجاز بما جعله قادرًا على تعميق درجة التأثير في المجتمع، وتقوية درجة تماسك روابطه ليكون أشد منعة، وأصلب مناعة.
من هنا كانت العلاقة بين الفعل والتفاعل هي علاقة أساسية في بناء حالة صحية في الوطن تقوم على ثابت العلاقة بين الفرد، والمجتمع، والنظام.
(الدستور)