صواريخ ليست "عابرة" بمحض الصدفة!
نشأت الحلبي
25-04-2010 03:03 PM
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمر قصة إطلاق الصورايخ، ومحاولات تلبيسها للاردن، بمعنى أنها إنطلقت من الأردن، بما يحمل كل ذلك من دلالات أهمها محاولة تصوير أن هناك تقصير أردني في مجال الأمن .. لا يجب أن تمر هكذا دون تمحيص ودقيق، ودون قراءة آخذة بعين الإعتبار التطوارت التي تجري في المنطقة لا سيما غربي النهر.
مؤخرا قررت إسرائيل طرد ما يقرب من "70" ألف فلسطيني من أبناء الضفة الغربية، وبطبيعة الحال، فإن هذا ليس إلا فرضا للترانسفير، وإن كان يهدف، كما هو مفهوم ولا يحتاج الى كثير من التحليل، الى إفراغ الأرض من أهلها حتى تتوسع إسرائيل أكثر وأكثر في قضم الأرض الفلسطينية، وهي خطة حكومة الليكود المتطرفة، فإنها بالمقابل خطوة تستهدف الأردن ولا شك، وهي بلا كثير من التحليل أيضا، الخطوة الإسرائيلية الأهم في خلق الوطن البديل للفلسطينيين على حساب الأردن، وهنا يجب أن نكون عقلانيين بحيث لا نحمّل الطرف الأضعف، وهم الفلسطينيون، مسؤولية هذا المخطط الإجرامي، فهم لم يخرجوا من أراضيهم برضاهم، بل هُجّروا منها قسرا، حالهم حال كل الفلسطينيين منذ العدوان على أرض فلسطين التاريخية عام 1948، وصولا الى فلسطينيي "النكسة"، أي الذين هجروا من أراضهيم بعد حرب عام 1967.
الأردن كانت له الكلمة عندما أكد على أن هذه جريمة إسرائيلية بحق فلسطين وبحق الأردن، وبحق العملية السلمية كلها، وكان هذا واضح في تصريحات وحراك جلالة الملك عبدالله الثاني، ومن هنا، ومن خلال معرفتنا بإسرائيل وتاريخها في حياكة المؤامرات حتى تمرر مخططاتها العدوانية، فإنه لا يجب إطلاقا أن نستبعد أن لإسرائيل يدا في قصة الصواريخ التي قال إعلامها بأنها إنطلقت من الأردن أو من سيناء، وهي، اي إسرائيل، لا شك قد تذكّر بقصة الصواريخ التي إستهدفت تل أبيب قبل سنوات وانطلقت من منطقة العقبة لتلبيس القصة للأردن، فإسرائيل أحوج ما تكون الآن، وليس غدا، الى حبكة، حتى تمارس ضغطا أكبر على الأردن للقبول بالأمر الواقع، وخصوصا بقبول توطين الفلسطينيين، الموجودين الآن في الأردن، ومن ثم قبول مَن تخطط حكومة نتنياهو لطردهم لاحقا من أرضهم، ولعل تأكيد رئيس الحكومة سمير الرفاعي بأن الصاروخين لم ينطلقا من الأراضي الاردنية، وبالمقابل تأكيد مصر أيضا بأن لا صواريخ إطلاقا إنطلقت من أراضيها، هو ما يعزز نظرية المؤامرة على الأردن، فهي رسالة فيها من ممارسة الضغط على الاردن، ولربما ايضا على مصر ولنفس الغاية، أكثر مما هي صواريخ "عابرة بمحض الصدفة".
وإذا ما إستبعدنا ضلوع إسرائيل في القصة، وتحدثنا عن أطراف أخرى مثل تنظيم القاعدة الذي كان وراء الصواريخ الأولى، فهي قصة أخطر، وبعيدا عن طرح الأسئلة "العدمية"، فإن تكرار الحادثة يؤكد بأن الأردن ما زال على مخطط "أذى" القاعدة التي إرتكبت الجريمة الأبشع في الاردن عندما فجرت الفنادق الثلاث وأزهقت أرواح بريئة ليس لشيئ إلا للنيل من مواقف الأردن "المعتدلة"، وإن كان هذا قريبا من الحقيقة، فتلك أيضا ليست بصواريخ عابرة بمحض الصدفة ولها أهداف عدوانية ضد الأردن، وهو الشيئ نفسه الذي ينطبق على قصة الصواريخ حتى لو كان وراء إطلاقها تنظيم فلسطيني مقاوم، ففي هذه الحالة تكون صواريخ عبثية بحق وغير محسوبة الأهداف ولا النتائج، وهي حركة عدائية ضد الأردن لأنه لا يحق لأي كان أن يعتدي على سيادة الأردن وعلى الأرض الأردنية تحت أي عنوان كان.
هذه مرحلة لا يجب أن تمر بـ "ببراءة"، فهي مرحلة تتطلب الرجال للدفاع عن الأردن وعن القضية الفلسطينية في آن واحد، وهي مرحلة لا تستدعي الخلاف بقدر ما تستدعي الإلتفاف حول القضايا الوطنية والعمل بروح وطنية ومن غير أي "مزادوات"، فالمؤامرة في المنطقة أكثر بكثير من أن ننظر الآن الى خلافات قد تشيح بنظرنا وإنتباهنا عن ما يمكن أن يضر بوطننا.
Nashat2000@hotmail.com