لقد خلق الإنسان في أحسن تقويم وكرم من الخالق بصفات خلقية وخلقية وسجايا من عطاء الله لا تعد ولا تحصى فأن احسن استخدام ارادته قادته إلى الخير وان اساء استخدامها قادته إلى إلى الشر والبغي والظلم فهو مخير فيما له فيه ارادة ومسير فيما ليس له فيه ارادة والغنيمة لمن فاز بالأولى.
والعاقل بفطرته وطباعه وسجايا فهيم حصيف لما يدور حوله وما يجري أمامه فيحكم عقله وسلطانه وينظر بعينه وقلبه فيبصر الخير فيتفاءل به ويفعله ويبصر الشر فيتنحى عنه ويرفسه فتبقى نفسه صافية وروحه عزيزة كريمه.
العاقل والمتزن لا يتباهى باصله وقبيلته وعشيرته فهو امر محمول وليس حاملا ولا دخل لارادته بذلك فقد ولد من رحم لم يكن يعلم شيئا ولم يختر ان يكون نسبه وحسبه من هذا أو ذاك فهو ليس متميزا بهذا ولا ذاك والعاقل لا يتباهى بوظيفته لأنها قسمه ونصيبه وهي أمانة مسؤول عنها ولو دامت لغيره ما آلت اليه وربما يحيق به الندم ولاة حين مناص. والعاقل لا يتفاخر بماله فربما رزقه الله ليمتحنه واغدق عليه وكم من غنى بات فقيرا معوزا وكم من محتاج أصبح ثريا.
ان التنافس والتفاخر يكون بالأب والأخلاق لأنها من صنيع الإنسان وطيب المعاملة وحسن المعشر لأنها من أفعال جوارحه وأقوال لسانه ويتفاخر بالصدق والأمانة وأداء الحقوق والوفاء والحفاظ على العهد لأنها تنطلق من صميمه وحجته ويترفع عن الصغائر والاسفاف ويتحلى بالكرم والمروءة لأنها فحوى أوامر قلبه وعقله.
هذا هو العهد وذاك هو الميثاق فمن حظي بهذا وذاك فقد اصاب الهدف والتئم الناس حوله وبجلوه ومجدوه وافتخروا به وسودوه وان ركب الردية والردى وانحدر إلى الهوى غاب عن المشهد ولم يلق الا ذما وقدحا.