قراءة في مفهوم «مكافحة الواسطة والمحسوبية»
لما جمال العبسه
02-02-2021 12:03 AM
في لقاء جلالة الملك مؤخرا مع وكالة الانباء الاردنية «بترا» كانت هناك وقفة حول «الواسطة والمحسوبية» والتي اعتبرها جلالته ظلم وفساد واضح، وحلها يكمن في العمل ضمن اطار تدابير إدارية وقانونية واجتماعية، مع اهمية وضع آليات رقابة وتنفيذ ومحاسبة، لخلق بيئة ادارية صالحة منطلقها العدالة.
الرسالة الملكية السابقة دائما توجه للحكومات المتعاقبة على مستوى كتاب التكليف السامي ويليها تركيز الملك في معظم لقاءاته مع المسؤولين ادراكا لاهمية هذا الامر في تحقيق عدالة اجتماعية تكون مظلة للجميع ومنطلقها الجهاز الاداري الحكومي، بالمقابل تقر جميع الحكومات دون استثناء على انها اتخذت التوجيه الملكي دليلا وقامت بما تستطيع القيام به، لتعترف ان هناك حاجة للكثير كي يتحقق ما تصبو اليه في هذا المحور الهام.
بالامس وزارة تطوير الاداء المؤسسي قالت ان مكافحة الواسطة والمحسوبية تحتاج الى اجراءات شاملة على كافة الصعد، واشارت بجملة يُتَوقف عندها وهي «تحديد المنافذ التي تأتي منها واغلاق الباب في وجهها..وهناك مبالغة كبيرة في الحديث عن الواسطة في الاردن»!، بداية فان هذه المنافذ لا يُطبق عليها التشريعات بالشكل الامثل كما اوضحت في بيانها، اما العجيب فهو استشهادها بالتقارير العالمية عن تحسن مؤشر الاردن على سلم الشفافية العالمي والذي يستقي معلوماته من مصادر محلية رسمية.
القيادة مدركة تماما ما تخلفه «الواسطة والمحسوبية» من اضرار اجتماعية واقتصادية وعدالة فتظل تُرشد نحو ضرورة ايجاد الآليات اللازمة لتجنب عواقب هذه المشكلة، وعلى رأسها اتمتة الاجراءات الرسمية، وبالمناسبة هذا الامر هو الاساس والطريقة المثلى في ان يأخذ كل حقه بما يتلاءم مع امكاناته في المعاملات الادارية الحكومية ويعمل بشكل فعال في توفير الوقت والمال والجهد ووقف الهدر الناتج عنهم، كما يمثل مظلة عدالة حقيقية يصعب معها التلاعب لتفعيل مفهوم الواسطة والمحسوبية لان كل شئ يسير بنظام محكم ومراقب بشكل مستمر، وكما ان هذا النوع من الانظمة لا يمكن تجاوز متطلباته مهما كان.
اما الحاجة لمدة زمنية الله يعلم مداها لتحديد من قاموا بمثل هذا الجرم الذي بالاساس يعد احد معاول هدم الاقتصاد في العديد من دول العالم عدا عن آثاره الاجتماعية والتنموية، فهو مضيعة للوقت وتجذير للمشكلة المعرضة لأن تكون هيكلية في مجتمعنا، ذلك ان تطبيق القانون على اي من كان بداية الامر، وان تفعيل الجهات الرقابية وتكليفها بإجراء مراجعات وتقييم اداء الموظفين والسؤال عن التعطل في مشاريع رئيسية والوصول الى الاسباب الحقيقية لا تحتاج لوقت طويل فهي تعتمد على ثوابت لا يمكن تجاوزها، والتعذر بمسألة «الوقت» هدر للوقت.
وفيما يتعلق بالمبالغة في توصيف المستويات المرتفعة التي وصلت اليها مشكلة «الواسطة والمحسوبية» فإننا نعلم المسؤولين ان القطاع الخاص المرتبط بشكل او بآخر بجهات حكومية يعاني من هذه المشكلة التي ادت الى ضياع اموال على الشركات وخلقت معاناة يصعب معها الحل احيانا، كما ان المراجع للعديد من الدوائر الرسمية لاتمام معاملات بسيطة قبل الذهاب يسأل عن من يساعده في تسهيل الامر عليه، فعن اي مغالاة في التوصيف تتحدث الوزارة.
(الدستور)