يعجبني معالي توفيق كريشان وهو يلبس الشماغ والهدب يتمايل على جانبي وجهه ، وقد قيل أنّ في عهد الملك عبدالله الأول لا يقبل شهادة من كان حاسر الرأس "مفرّع" بلهجة الأردنيين ، وهو عنوان مروءة الرجل آنذاك.
الأردنيون ربما يلبسونه في كل الفصول ولكن في فصل الشتاء وأيام المربعانية وسعد ذابح يكون اللثام "اللصّمة" به حماية للوجه من زمهرير البرد والرياح وربما عنوانا للغضب والحزن .. أيضا كنت أرى قبل أيام معالي يحيى الكسبي وزير الأشغال يلبسه وهو يتفقد الطرق أيام الثلج .. هذا المهندس الشركسي خلع " القلبق" ولبس الشماغ دليل محبة ودفء، وكشف وجهه الأيمن بعدما أدار طرفه الشماغ للجهة الآخرى.. كذلك يحرص بروفسور اللغة الإنجليزية وآدابها د. فواز عبدالحق رئيس الجامعة الهاشمية في دوامه على لبس الشماغ معتزا بأردنيته وبداوته، ولا أتوقع أيضا أنه يعيق اللغة والبحث العلمي.
لكن مالا أفهمه وضع الشماغ على الكتف للأسف عادة مستوردة من الأشقاء الشوام، وكذلك هناك من لبسه على العنق ممن كانوا من الشباب المغرومين بالنضال والفداء، وربما يلبسنه النساء على كتوفهنّ ويتحزمن به أي يربطنه على بطونهنّ أيام الحصاد وما بعد الولادة والنفاس ، وكذلك قد تشاهده على رقاب شباب الدبكة في القرى لكنه غير محببّ للرجال بهذه الطرق.
للعلم أفراد الجيش العربي يلبسون الشماغ، وكان جزءا أصيلا من الزيّ العسكري ممن يتباهون به أمام المزيونات في دروب القرى والبادية ، وما زالت صورهم أيام قتالهم في فلسطين والشماغ يعتلي رؤوسهم ماثلة أمامنا وربما لم يحمهم من الرصاص ، ولكن في عقيدة الجيش أن الشماغ قيمة أردنية عالية ، يطيح الرأس برصاصة ولا يطيح العقال.. للعلم العسكر يلبسونه بطريقتين : "العقلة الهاشمية" وهي للمراسم بحيث يتقاطع طرفيه خلف الرأس ثم يحشو كل طرف من تحت العقال ، لينزل الهدب على طرفي الوجه ، والأخرى لبسة اللثام وهي معروفة وتلبس لمراسم الحزن والجنائز ، وهم بذلك لا يخرجون عن عادات الأردنيين ، وما زالت صورة كبير العسكر حابس باشا المجالي بالشماغ الأحمر تعدّ رمزا للفروسية وتثير بنا كلمّا شاهدناها الشموخ والكبرياء والعزّة.
بالنهاية لبس الشماغ ليس معيارا للوطنية للموظف العام والمسؤول وإنما الأداء الصادق ونقاء السريرة والنزاهة هو الأهم والمطلوب.