سيارات الهايبرد : نصائح إلى لبنان
باتر محمد وردم
25-04-2010 04:07 AM
أحد الزملاء من الإعلاميين اللبنانيين المختصين بالشأن البيئي أرسل لي سؤالا حول ما هي الدروس المستفادة من التجربة الأردنية في التعامل مع استيراد السيارات الهجينة (الهايبرد) والتي انتهت إلى قرار بإخضاعها لضريبة خاصة بنسبة %55 لاغيا قرارا سابقا بإعفائها كلية من الضرائب والجمارك. السبب هو أن الحكومة اللبنانية تفكر في إعفاء هذه السيارات من الضرائب والزميل يريد نوعا من النصيحة التي يمكن أن تقدمها التجربة الأردنية للبنان. أفضل النصائح عادة هي التي تنتج عن تجربة غير ناجحة ، لأنها تتضمن توثيقا لأخطاء من المهم عدم تكرارها وهي أخطاء حدثت نتيجة عوامل اقتصادية واستهلاكية وفنية غير متوقعة ولهذا فإن ردي على الزميل اللبناني سيكون كالتالي.
من ناحية المبدأ فإن كافة الدول الواعية في قضايا تخفيض استهلاك الوقود وتخفيف تلوث البيئة تقوم باتخاذ قرارات وسياسات تشجع استيراد السيارات الهجينة واستبدالها التدريجي للسيارات الملوثة التي تجوب الشوارع. في البداية من المهم وضع سياسة للإعفاءات والحوافز بحيث تشجع السيارات ذات المحركات الصغيرة والمتوسطة وهي السيارات الهجينة الحقيقية التي تؤدي إلى تخفيف التلوث وتقليل استهلاك الوقود ، وهذا ما سيجعل المستهلك ميالا لاختيار هذه السيارات بدلا من السيارات الفخمة كبيرة المحركات وكثيرة الاستهلاك والتي لا تخدم الغرض البيئي والاقتصادي. ولأن الشعب اللبناني بطبيعته مثل الشعب الأردني ، ميال للمظاهر الاجتماعية فإنه من شبه المؤكد أن التوجه سيكون نحو السيارات الكبيرة ، ولهذا وفي حال عدم وجود اتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة بالذات تمنع "التمييز" ضد السيارات الأميركية فمن الممكن أن يكون الإعفاء مقتصرا على السيارات ذات المحركات الصغيرة.
ثانيا من المهم وجود حملة إعلامية وسياسية مؤثرة للرأي العام ولمجلس الوزراء أيضا للتذكير بأن هذا القرار هو لمصلحة البيئة وترشيد الاستهلاك وإلا ستصبح هذه الإعفاءات والطلب على السيارات الهجينة نوعا من الخيار البديل لضخ الأموال إلى الميزانية العامة من خلال قرار لاحق بإلغاء الإعفاءات ما سيؤثر سلبا على كافة التوجهات الرسمية المعنية بحماية البيئة ويجعلها بدون مصداقية في حال تم تقديم المكسب المالي الآني على المكاسب الاقتصادية الإستراتيجية على المدى البعيد. من المهم جدا أن يتم إقرار الإعفاءات في لبنان بطريقة تضمن عدم التراجع عنها لاحقا.
العنصر الثالث في سياسة استيراد السيارات الهجينة أن تكون الإعفاءات فقط للسيارات الجديدة التي لم يتجاوز عمرها التصنيعي سنتين بالحد الأقصى وذلك لمنح الدولة فرصة لتهيئة بنية تحتية كافية للتخلص الآمن من بطاريات السيارات الهجينة والتي تعتبر علميا أحد أنواع المخلفات الخطرة بسبب إحتوائها على عنصري النيكل والكادميوم ، وهي تحتاج إلى معالجة فنية متطورة وبدون هذه البنية التحتية سوف تواجه الدولة المستوردة مشكلة كبيرة في كيفية التعامل مع هذه البطاريات التي تنتهي مدة صلاحيتها بعد 6 - 8 سيارات من الاستخدام. وعلى كل حال فإن شركات السيارات اليابانية مثل تويوتا وهوندا تقوم باستعادة كافة البطاريات منتهية الصلاحيات وتقوم بإعادة تدويرها في مرافق خاصة بينما لا توفر السيارات الأميركية المسماة "هجينة" التي تتجاوز 4 آلاف سي سي مثل هذه الخدمات الأساسية.
وعلى كل حال فإن متابعة التطورات المتعلقة بآلية تطوير سياسة الإعفاءات للسيارات الهجينة في لبنان تبدو مثيرة للإطمئنان فالإعلان عن هذا التوجه تم بشكل مشترك ما بين وزارة المالية والبيئة. ويكفي تصريح وزيرة المالية لتأكيد مدى الوعي الموجود بالأهمية الاستراتيجية لهذا التوجه حيث قالت "نبحث عن كل ليرة لتغطية النفقات الاستثمارية المرتقبة ، ولكن إذا أعفينا السيارات الصديقة للبيئة من الرسوم الجمركية فسينعكس ذلك على صحة المواطن ونكون قد ساهمنا بخفض كلفة الفاتورة الاستشفائية". هذا هو بالضبط نمط التفكير الصحيح في السياسة المالية الذي يأخذ بعين الإعتبار الفوائد طويلة الأمد وليس المكاسب قصيرة الأمد.
batirw@yahoo.com
الدستور