تحديث الاجندة .. كلام في كلام
سلامه الدرعاوي
25-04-2010 03:58 AM
اذا كانت الحكومة غير قادرة على الالتزام بقانون الموازنة العامة لسنة واحدة فهل باستطاعتها الالتزام بما جاء في الاجندة الوطنية التي هي اصلا مثار خلاف بين الاردنيين لافتراضاتها البعيدة عن الواقع في بعض الاحيان.
لا شك ان المؤشرات الرقمية التي استندت الاجندة لها فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية باتت حبرا على ورق, فالازمة المالية العالمية القت بظلالها على عملية التنمية الشاملة وقلبت التوقعات رأسا على عقب, فالعجز المستهدف في الاجندة البالغ 2.8 بالمئة ارتفع الى اكثر من 10 بالمئة فعليا في الموازنة, وفي الوقت الذي دعت به الاجندة الى تقليل الاعتماد على المساعدات بزيادة الاستثمارات والتشغيل نجد ان الموازنة باتت تعتمد على المنح الخارجية اكثر فأكثر لدرجة انه يصعب السير بالحد الادنى من مشاريع الموازنة الرأسمالية من دون قدوم اموال المانحين وهذه حقيقة باتت كابوسا لراسم السياسة الاقتصادية, في الوقت ذاته انخفضت التدفقات الاستثمارية الى اكثر من 65 بالمئة خلال العام الماضي, وهي نتيجة طبيعية لتداعيات الازمة العالمية على المناخ الاستثماري وقدرة الشركات على التوسع في مشاريعها.
اما المديونية التي طالبت الاجندة بأن تكون في حدود آمنة تصل الى 40 بالمئة من الناتج المحلي في نهاية مدتها 2012 نجد ان الدين وصل الى مستويات غير آمنة على الاطلاق وتجاوز سقف الدين قانون الدين العام اصلا وباتت المديونية تناهز العشرة مليارات دينار ونسبتها حوالي 60.8 بالمئة من الناتج.
وبخصوص الاستثمار في المناطق الصناعية المؤهلة والتي تغنت الاجندة بها لدرجة انها اعتمدت عليها جليا في مسألة خلق الوظائف وزيادة معدلات التشغيل فهي تعاني اليوم من مشهد صعب يهدد استمرارية وجودها في الاردن بسبب الظروف التي تمر بها الآن والمتمثلة في تراجع الطلب العالمي على منتجاتها وانتشار تلك المناطق في دول اخرى مما ساهم في اضعاف الميزة التنافسية للمناطق الاردنية ناهيك عن مشاكل ارتفاع تكاليف الانتاج التي يعاني منها مستثمرو القطاع في المملكة والمتمثلة اساسا في تكاليف الطاقة المرتفعة وقلة الايدي العاملة المدربة.
حتى المشاريع الكبرى التي تعول الاجندة على تنفيذها فان تلك مسألة لا تحتاج الى برنامج اساسا وانما هي بحاجة الى ظرف اقتصادي يهيئ انجازها وازالة العقبات امامها خاصة في ما يتعلق بالسيولة.
اما مسألة مضاعفة دخل الفرد بحلول 2017 فان المسألة لا تأتي فقط بارقام يتم تقديرها في كتيبات ثم يبدأ مسلسل الغناء بها وكأنها منجزات على ارض الواقع في الوقت الذي تتراجع فيه القوة الشرائية للدينار ويتراجع كذلك مستوى معيشة الاردنيين بفعل موجة الضرائب التي لا تنتهي وارتفاع الاسعار.
تحديث الاجندة التي دائما ما تطرح بين الحين والآخر تبقى كلاما في كلام, ولا يمكن ان ترتقي المسألة الى اكثر من ذلك, فهناك واقع مرير ومتقلب, ولا يبدو من خلال التجارب السابقة للحكومات المختلفة الاقتراب اكثر في تقديراتها مع الواقع.
تبقى الاجندة وبنودها من الناحية النظرية خطة تنموية متكاملة ووجها حضاريا امام المانحين لاقناعهم بأن هناك برنامجا تنمويا قيد التنفيذ, والحقيقة ان المسألة لا تعدو كونها خطابا اعلاميا لا اكثر, والواقع عكس ذلك تماما.0
salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم