الإشاعة التي تمددت في عمان وأخواتها، أن مجلس النواب الحالي، في طريقه الى الحل قريباً، اذا تم التوافق على قانون انتخابات جديد، بما يفرض اجراء انتخابات نيابية جديدة.
حل النواب، اذا تم اقرار تعديلات على قانون الانتخابات، يعني ضمنيا، اقالة الحكومة، وهكذا تلد إشاعة من بطن إشاعة، في توقيت لا ينقص فيه عمان، اشاعات جديدة، فقد امطرت سماء عمان السياسية، الكثير من الاشاعات، وأنصاف المعلومات، وأرباعها.
هذا الكلام، في كل الأحوال غير صحيح، اذ وفقا لمنطوق من هو مطلع وعلى رفعة في المستوى، فإن لا نية لحل مجلس النواب، لا اليوم، ولا غدا، ولا بعد غد، حتى لو تم التوافق على قانون انتخابات جديد، فهذا التوافق لن يؤدي الى حل المجلس، من اجل اجراء انتخابات جديدة، وهذه معلومة لا تقبل الغمز من صدقيتها، فهي مؤكدة تماما.
مقابلة الملك مع وكالة الانباء الأردنية الرسمية، حملت إشارة الى الإصلاح السياسي، على مستويات مختلفة، بما فيها قانون الانتخابات، وهذا يعني ضمنيا، ان قانون الانتخابات في طريقه الى التعديل، لكن هذا الامر لن يحصل في يوم وليلة، اذ أعلنت الحكومة ذاتها، انها ستخوض حوارا من اجل تعديل قانون الانتخاب، وهذه عملية قد تستغرق وقتا، ثم من الطبيعي بعد ذلك ان تحيل تعديلات القانون الى النواب، من اجل مناقشتها.
الاشاعة التي سرت بين النواب، تم انتاجها في غرف سوداء، وهي قد تعرقل هذه التعديلات، بسبب اثارة ذعر النواب، وقلقهم، لكن على النواب هنا، ان يعرفوا عدة أمور، أولها ان عليهم واجب اثبات قدرتهم على اصلاح التشريعات، دون النظر الى مصالحهم الضيقة، واذا ما كانت هذه التعديلات، قد تأتي بهذا او ذاك مرة ثانية نائبا، او قد تمنعه، فالقانون يجب الا يكون على مقاس مصالح النواب وهم في مواقعهم، كما ان تعديلات القانون، لن تؤدي بعد إقرارها، الى حل النواب، وبالتالي خروج النواب من مواقعهم، وهذا يعني ان لا حاجة لسوء التأويل، او الاتهام في النوايا، من جانب بعض النواب، خصوصا، ان الإصلاح السياسي، مطلب اردني، وله ظلال دولية أيضا، وسط عالم، يرقب كل شيء.
ما دامت الحكومة المحت الى الحوار حول قانون الانتخاب، فإن لنا تجارب سابقة في الحوارات، سواء عبر طلب الاقتراحات مكتوبة من النخب السياسية، او حتى عقد جلسات استماع لفعاليات كثيرة، من نواب حاليين ام سابقين، او نقابيين، وغيرهم ممن ينتسبون الى مؤسسات مجتمع مدني، ومنذ الآن لن يتفق احد على نسخة واحدة من تعديلات القانون، لأن هناك مشارب مختلفة، ترتبط بطريقة الانتخاب ذاتها، والتمثيل الديموغرافي، والتمثيل السياسي، وعدالة الكتل في البرلمان، وفقا لعدد الناخبين في كل محافظة، إضافة الى ان خبراء الانتخابات في الأردن، ممن يتركون اثراً كبيراً على صياغة أي تعديلات، يدركون مسبقا، طبيعة التمثيل الذي سينتجه هذا التعديل او ذاك، وقد يتبنون مسبقا، اتجاها محددا.
في كل الأحوال، آن الأوان ان يكون لدينا قانون انتخابات مناسب، وعصري، عليه اجماع، قانون يؤدي الى تمثيل الأردن حقا، في مجلس النواب، حتى نتخلص من الاتهامات، واستصغار المجالس النيابية، ونظرة الشك المسددة الى أداء النواب، إضافة الى ما يرتبط بالتقييمات الداخلية لكل دور مجلس النواب، على الصعيد الداخلي، وما ينتظره الناس.
الإشارة في كلام الملك واضحة ومحددة، ولا تقبل سوء التأويل او التوهم حول معناها، اذ كل ما يراد هنا، ان يتفاعل النواب، مع الحكومة، في انتاج قانون انتخابات مناسب وعصري، يرضى عليه غالبية الأردنيين، دون ان يؤدي ذلك الى كلفة يدفعها ذات النواب، بعد تمرير التعديلات الجديدة، وهذا يعني ان على النواب ان يكونوا في حال اطمئنان، فلن يتم توظيفهم في مشهد يؤدي إلى وأد انفسهم، بعد إقرار هذه التعديلات، التي يترقبها كثيرون.
من الجيد هنا ان نذهب خلال العام 2021 الى انتخابات نقابية، من اجل التجديد في كل هذه الهيئات، والى قانون انتخابات جديد ومعدل، دون ان نضيع الوقت، في حوارات تفرط بالوقت، وكأنها تشتري الزمن، فهذه مهمة يجب ان تنجز، دون مماطلة من الكل.
(الغد)