تتمازج المشاعر والأحاسيس إذا ما مرّ شريط الأيام الوطنية التي تطالعنا بين حين وآخر، مستذكرين في هذا اليوم المبارك ذكرى ميلاد جلالة الملك عبدالله الثاني أعزّه الله الذي يحتفل ونحتفل معه به هذا العام مزهوين بفخر واعتزاز وهو يلج بالمملكة نحو المئوية الثانية من عمرها المديد وفي ذاكرة العشرين عامًا التي مضت من حكم جلالته أن المملكة قد دخلت معه العهد الرابع تحت ظل القيادة الهاشمية، وزد على ذلك مناسبة اختلط فيها الحزن مع الإرادة يوم مات الحسين وأقسم عبد الله يمينًا صانه محققًا حلم والده العظيم به حاملًا أمانة الحكم والمسؤولية بكل ما تمتع به من قدرات وكفاءة وما اتصف به من نُبل وعلوّ همة وحكمة.
مناسبات جليلة يحملها صاحبها جلالة الملك متجلدًا بالصبر والإيمان والعزيمة بعدما آلت إليه الراية ليواصل مسيرة بناء الدولة بكل همة ومثابرة واقتدار فيعلي الإنجازات ويراكمها ويحفظ للحسين وصيته ورؤيته حينما توسم به الخير فيدرك المليك الشاب من ذلك الحين أن الأردن العزيز وارث مبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها العظيمة وأنه جزء لا يتجزأ من امته العربية فيعمل بكل ما أوتي من قوة على أن يظل الشعب الأردني في طليعة أبناء هذه الأمة المتقدمين صفوف الدفاع عن قضاياها ومستقبل أجيالها.
عيد ميلاد جلالة الملك محطة وطنية يريدها المعني بها أن تكون لاستمرارية العمل وتحقيق المنجزات ومعالجة السلبيات لأننا فهمنا من منطوقه السامي أن الاستقلال وأعياد الميلاد ويوم الجيش والجلوس الملكي كلها تلتقي على معان خالدة وقيمًا مشتركة أبرزها أن تكون إيذانًا بإرادة صلبة للمضي في نهضة البلاد وتقدمها والحرص على تحقيق مصالحها العليا لتتقدم فوق أي اعتبار سواها، وهكذا فإن عيد الميلاد ولكي يُدخل البهجة لقلب الملك لا بُد وأن يكون ميدانًا مشرعًا للعطاء ومكللًا بصدق الانتماء للوطن والقدرة على مواجهة التحديات والصعاب بعزائم لا تلين وبنفوس سمحة كريمة معطاءة.
ننظرُ إلى ما تحقق في عهد جلالة الملك فنبارك له في عيد ميلاده، وقد شهدنا الجهد المضني الذي قاده منذ تسلم سلطاته الدستورية ليواءم بحكمة الشيوخ ومضاء الشباب بين الداخل والخارج، فتصبح التجربة الأردنية بجوانبها التعليمية والصحية والثقافية والرياضية والأدبية والخدماتية محطّ أنظار من حولنا وكيف استطعنا الوصول لهذا الحد رغم شح الإمكانات وندرة الموارد، ثم كيف واصل جلالته ما أُنيط به كقائد عربي هاشمي من مسؤوليات جسام في التصدي للدفاع عن فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية وكيف راح ينادي العالم ويسمعهم صوته المعتدل الجريء أن الأردن مع السلام العادل والشامل والدائم الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها، وأنه يعي حجم وطبيعة دوره في التصدي لحملات التشويه التي تعرض لها ديننا الحنيف، وكل ذلك كان يزيد قناعة العالم بأن هذا الملك ذو شخصية استثنائية استحقت أن تعتلي منصات التتويج وتفوز بجوائز ليس بمقدور غيره أن يحظى بها.
هذا هو عيد ميلاد الملك، نستحضر فيه، معين فكر، وعظيم تجربة، وعمق رؤية وبصيرة، وقبل هذا إرادة، سلاحها الإنسان، ففي عيدك الميمون شكرا سيدنا وحفظك الله ورعاك.